Feed Item

رجل الأقدار.. أرطغرل في الأناضول

يذكر الدكتور محمد سهيل طقوش، في الفصل الأول من كتابه «تاريخ العثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة»، أن الروايات التاريخية التي تتحدث عن الظهور الأول لأرطغرل، تغلب على أكثرها الأسطورة والمبالغات، أكثر من الحقيقة. لكن المؤكد أن عشيرة الكايي المنحدرة من قبائل الأوغوز التركية، والتي ينتسب إليها أرطغرل، قد مرت بهجرة إجبارية طويلة المدى من أواسط آسيا، وصولًا إلى الجزيرة الفراتية جنوب تركيا وشمال العراق، تحت وطأة الغزو المغولي في النصف الأول من القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي).

استقرت العشيرة لفترة في مدينة أخلاط في أرمينيا الوسطى، لكن ما لبثت أن رحلت عنها عندما غزاها السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه عام 626هـ (1229م)، لتتجه إلى الأناضول غربًا. في تلك الأثناء، تُوفّي والد أرطغرل غرقًا أثناء عبور أحد الأنهار، وكان قائدًا للعشيرة. تختلف الروايات في والد أرطغرل، فيتحدث البعض عن أنه كان سليمان شاه، بينما تتحدث رواياتٍ أخرى عن أنه كان كندوز ألب، والذي تعتبره الروايات السابقة أخاه الأكبر.

انقسمت العشيرة بعد وفاة والد أرطغرل، فاستقر بعضها في الشام في منطقة حلب وجوارها، بينما انضوت 400 عائلة تحت لواء أرطغرل، وتوغلوا معه في الأناضول. لم يدُر في خلد هؤلاء أنهم بهذه الهجرة الجديدة، سيؤثرون بشكلٍ جذريٍّ في تاريخ المنطقة والعالم أجمع لقرون.

ترسم الرواية المتداولة مشهدًا سينمائيًا لدخول أرطغرل وعشيرته المفاجئ إلى صفحات التاريخ. حيث وجد المهاجرون أنفسهم فجأةً أمام ساحة معركة محتدمة، بين جيشيْن غير معلوميْن بالنسبة لهم. يتدخَّل أرطغرل وفرسان عشيرته بدافع من نخوة الانتصار للضعيف، عندما يرون أحد الجيشيْن وقد أوشك على سحق الآخر، فيقلبون بفروسيتهم وحماستهم، وعنصر المفاجأة بالطبع، كفتيْ الميزان، وينتصر الجيش الضعيف، ويفر فلول خصمه لا يلوون على شيْء.

ينقشع غبار المعركة مخلفًا مفاجأة مدوية لأرطغرل وأصحابه، وللجيش الذي انتزعته الأقدار على أيديهم من بينْ فكَّيْ الهزيمة. لقد أنقذوا من حيث لا يدرون سلطان دولة سلاجقة الروم، علاء الدين كيقباد. وتختلف الروايات في هوية الجيش الذي كان يحاربه السلطان، بعض الروايات الضعيفة تتحدث عن أنه كان جيشًا بيزنطيًا، لكن لم يكن حينها ليحتار أرطغرل ومن معه في اختيار الطرف الذي يحاربون معه. الأرجح أنه كان أحد جيوش المتمردين على حكمه، أو من جيوش خصمه خلال الدين خوارزم شاه، وهذا ما يرجحه الدكتور طقوش في كتابه.

كافأ السلطان عشيرة أرطغرل بسخاءٍ، فأقطعهم بعض الأراضي قرب أنقرة، على الثغور القريبة من الحدود البيزنطية، وذلك ليتولوا الدفاع عن الدولة ضد البيزنطيين، على أن يمنحَهم كل ما يستولون عليه من أراضيهم. في السنوات التالية، سيقوم أرطغرل وعشيرته بالقيام بواجباتهم الحربية على الحدود بكفاءة شديدة، لتتوسع الإقطاعية الخاصة بأرطغرل شيئًا فشيئًا، حتى تضم أجزاءً أوسع من شمال غرب الأناضول، قرب مدينة إسكي شهير، والتي كانت من أهم حواضر غربي الأناضول آنذاك.

المصدر: موقع ساسة بوست

  • 1
Comments
    • مسلسل رائع واحداث ماكنا نعلمها قبل هذا المسلسل

      • 1
      Login or Join to comment.