Comment to '''هل أنت بخير؟'' ''R U OK?'''
  • شكرا اختي سمية على قراءة المقال، والتفاعل بطرح السؤال الحيوي اعلاه. في تصوري لن تكون هناك اجابة موحدة لسؤالك، وذلك لتنوع المشكلات من شخص لآخر (الحياة مليئة بالأحداث،، وهي مختصرة في قوله تعالى: "إن سعيكم لشتى")، وأيضا لاختلاف شخصية المحتاج (رجل – أمرأة،، شاب – فتاة،، - كبير - صغير ،، متعلم – أقل تعلما،، يشتغل - عاطل عن العمل،، طالب - موظف،، ... الخ)،، بالإضافة لاختلاف وقت الحاجة ايضا. بمعنى ان الشخص الذي يمر بأزمة ما في وقت معين ، قد يمر بأزمة أخرى في ظروف زمنية أخرى وبنوعية مختلفة عن سابقتها،، وهكذا دواليك. فكل هذه العوامل والابعاد المتنوعة والديناميكية المتغيره، وغيرها من العوامل الأخرى لها وزن وتأثير حاسم في استحالة ان تكون هناك اجابة واحدة محددة تصلح للجميع، بمعنى لا يوجد حل سحري يناسب الجميع (one size does not fit all) ، ولكن الخبرات المتراكمة في هكذا مبادرات اجتماعية تشير إلى بعض الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها. فمثلا تلفت مباردة "هل أنت بخير؟" الانتباه إلى أنكي لا تحتاجي إلى أن تكوني خبيرة للاطمئنان على شخص ما، فقط كوني صديقة جيدة ومستمعة رائعة، فالخطوات التي يمكن اتخاذها لتقديم المساعدة تكمن بالضرورة في الاستماع بتعاطف وتسخير كل المشاعر نحو المحتاج، وطلب المزيد من التوضيح عن المشكلة ومعرفة ما يحتاجة بالضبط دون ان تكون الاسئلة جارحة أو ناقدة. وقد تتطلب مساعدة المحتاج إلى الاستعانة بجهة أو مؤسسة متخصصة أو اشخاص محترفين كالأطباء النفسيين والاستشارين الاجتماعيين أو غيرهم. كما يلعب عنصر المتابعة والتواصل مع الحالة إلى ما بعد انقضاء الأزمة إلى زيادة معدل نجاح المساعدة.

    وقبل هذا وذاك لابد ان يتأكد الشخص المساعد ويكون على دراية بامكاناته وقدراته وحدوده التي يستطيع ان يقدم فيها يد العون والمساعدة حتى لا يصاب بالارهاق والتعب والعنت. وقبل أن اختم ردي هذا يجب ان الفت الانتباه اننا في هذه الحقبة التاريخية من الزمن، ان احتياجات المجتمعات الغربية يختلف غالبا عن احتياجات المجتمعات الشرقية، واقصد دولنا العربية بالتحديد. فالمجتمعات الغربية تعرف بأنها مجتمعات الوفرة والرفاه مقارنة بمجتمعاتنا التي تعاني من الفقر والاضطرابات السياسية والحروب المسلحة وغيرها من المشاكل.

    ولكن اهم ما يميز المجتمعات الغربية عن مجتمعاتنا نحن أهل الشرق - والتميز هنا ليس بالضرورة بالمعنى الايجابي – هو انتشار ما يعرف بظاهرة الشعور بالوحدة والعزلة (loneliness)، لدى المجتمع الغربي، فهي ظاهرة تعاني منها شريحة كبيرة من المجتمع الغربي، ليس هنا محل نقاشها والوقوف على اسبابها. لكن احتياجات الشعور بالوحدة والعزلة يختلف عن الاحتياجات المادية التي يطلبها كثير من الناس اليوم. فالشعور بالوحدة والعزلة له آثار سلبية مرعبة وقاتلة غالبا ما تنتهي بأمراض نفسية وعاطفية وعقلية، وفي مقدمتها الاكتئاب الذي غالبا ما يذهب بصاحبه للتفكير أو الاقدام على الانتحار والتخلص من حياته.

    سامحيني، شعرت اني طولت في الاجابة لكن كما المحت سابقا موضوعة الفراغ النفسي والروحي التي تعاني منه المجتمعات الغربية والحلول المطروحة لعلاجه من خلال مبادرات اجتماعية جماعية مثل (حركة الهدوء الكبير، ومبادرة هل أنت بخير؟) وصل إلى مراحل متقدمة يصعب معالجتها او التقليل من حدتها على الاقل في المدى المنظور، ما لم يتم الاتجاه نحو تغيير النموذج والتفكير الغربي، وهو ما يعرف بمرشاد التفكير الثنائي لديهم المؤسس على ثنائية (الانسان ،، الكون)، وهو نموذج مادي جارح إلى تبني النموذج أو مرشاد التفكير الثلاثي الاسلامي المبني على ثلاثية (الله، الانسان، الكون)، وهو النموذج الذي يوازن بين ثلاثية (الجسد- الروح – العقل) بتصويب وحياني، وهدي محمدي.

     مرة ثانية اشكرك على القراءة والتفاعل مع المقال،،، تحياتي.

    • 2