Comment to '''هل أنت بخير؟'' ''R U OK?'''
    • شكرا مرة اخرى د. فتحي على مداخلتك الصوتية الرائعة. لقد استمعت إليها باهتمام بالغ، واسجل موافقتي التامة على كل ما ذكر مع اضافة بعض المعلومات حول اطول دراسة عملت في التاريخ الحديث، تسمى دراسة هارفارد لتنمية الكبار (The Harvard Study of Adult Development)، وهي واحدة من أطول الدراسات المستمرة إلى يومنا هذا حول حياة البالغين والكبار. فالدراسة قدمت رؤى عميقة حول ما يساهم في حياة سعيدة وصحية على مدار تقريبًا قرن من البحث. بدأت هذه الدراسة في عام 1938 وشملت في الأصل مجموعتين من الرجال من خلفيات متنوعة: طلاب جامعة هارفارد وشباب محرومين من أحياء بوسطن الفقيرة. مع تقدم الدراسة، تم توسيعها لتشمل زوجات وأبناء المشاركين، وأصبحت في نهاية المطاف تشمل أكثر من 1300 من النسل المباشر للمشاركين الأصليين. أحد النتائج الرئيسية من الدراسة هو الدور الحاسم للعلاقات في تعزيز الصحة والرفاهية والسعادة. فأظهرت الأبحاث باستمرار أن العلاقات القوية والداعمة ضرورية ليس فقط في تحسين السعادة، ولكن أيضًا في تعزيز الصحة الجسدية. حيث وجد أن الأشخاص الذين كانوا الأكثر رضا عن علاقاتهم في عمر الخمسين كانوا هم الأصحاء في عمر الثمانين. ويمتد هذا الرابط إلى ما هو أكثر من الصحة العاطفية؛ فالعلاقات الاجتماعية الجيدة أظهرت أنها تحمي الصحة الجسدية أيضا، مقللة من خطر الأمراض المزمنة وإبطاء التدهور العقلي والجسدي. وقد انتشرت مقاطع ومحاضرات كثيرة في اليوتيوب ومنصة تيد توك لشرح هذه الدراسة الطويلة تحت عناوين مختلفة منها على سبيل المثال: محاضرة تحت عنوان "سر الحياة السعيدة – دروس من 8 عقود من البحث"، لأحد الباحثين الرئيسين ويدعي روبرت والدينغر (Robert Waldinger)، تجدها على الرابط التالي:

      https://www.youtube.com/watch?v=IStsehNAOL8&t=1530s

      وقد نوهت الدراسة إلى نقطة مهمة وهي ان العلاقات الاجتماعية ليس بالضرورة تكون ناجحة بكثرة العلاقات وتنوعها،،، يكفي فقط ان يكون في حياة الانسان شخص واحد يستمع إليه ويشاركه همومه وبرامجه ومشاريعه وتطلعاته الحياتية،، على قولة العرب (الخل الوفي). خل وفي واحد فقط يمكن أن يلعب دورا رئيسيا ومهما أكبر من كثرة العلاقات الاجتماعية السطحية (على قولتك، كيف اللي صاير عندنا في ليبيا).

      أما عن ذكرك لمؤشر السعادة المعتمد لدى بعض الدول الغربية واهميته لديهم، فقد عمدوا إلى انشاء وزارة باسم وزارة السعادة، اعتقد انها موجودة أيضا حتى في دولة الامارات، ترأسها وزيرة على ما اعتقد. وبنظرة فاحصة إلى مؤشرات السعادة الستة المعتمدة نجدها كلها مؤشرات مادية بالضرورة. على العموم الحياة الطيبة والسعادة ينشدها الجميع بالفطرة، لكن نيلها ليس باليسير والسهل لتعقد الحياة المعاصرة وانغماسها في المادية الجارحة المتمثلة في قوانين الربح والخسارة. وللمزيد عن مؤشر السعادة العالمي يمكن النقر ع الرابط التالي:

      https://worldhappiness.report/

      وقبل أن اختم، احب ان اعلق على موضوع النموذجين أو المرشادين التي ينطلق من تحت عباءتهما رؤية واهداف ومسارات الناس قديما وحديثا في الحياة الدنيا. المرشاد الثنائي الغربي،، والمرشاد الثلاثي الاسلامي، وهذان النموذجان يعكسان عمق القضايا المفاهيمية الكبرى لدى الانسان. فمن خلال اعتماد احدهما كنموذج ومرشاد في الحياة، يتشكل - بعد ذلك - ما دونهما من المسارات والتطبيقات والقناعات وغيرها. لكن إذا نظرنا إلى المرشاد الثلاثي وانعكاسه في حياة المجتمعات الشرقية (وهنا تحديدا العربية الاسلامية)، فنجد باختصار ان النموذج الثلاثي لم يلامس شغاف قلوب كثير من أناس الشرق. وفي المقابل، ولا هم انغمسوا بالكلية في المرشاد الثنائي، فأصبحوا في منزلة بين المنزلتين، نتج عنها حيرة نكدة، وحياة ضنك، قد تشابه احيانا حياة الغربيين التي تعاني في جوانبها الروحية والنفسية كما اشرنا في المقالات السابقة.

      وفي الختام، انصح القارئ الكريم بالإطلاع على المزيد عن علم النفس الاسلامي، وما يحويه من تحليلات وتفسيرات حول النفس والروح والعقل، وحدود التداخل والتباين بينهم، ومصطلحات ومفاهيم اخرى مهمة: كالصبر، والسكينة، والسعادة، والرضا، وغيرها. كل هذا يمكن متابعته من خلال بودكاست سكينة للدكتور السعودي خالد الجابر المتخصص في دراسات علم النفس. رابط بودكاست سكينة تجدوه على الرابط التالي:

      https://www.youtube.com/hashtag/%D8%A8%D9%88%D8%AF%D9%83%D8%A7%D8%B3%D8%AA_%D8%B3%D9%83%D9%8A%D9%86%D8%A9

      مرة ثانية اشكرك اخي الدكتور فتحي على اعطاء المقالات مذاقا خاصا بمداخلاتك القيمة، التي تحثني على البحث والتدقيق اكثر واكثر لتقديم مادة علمية يستفيد منها القارئ الكريم. يعطيك العافية.

      • 💓 1
      • أحسنت في الرد والتفصيل بسوطة. ردك هذا يستحق أن يكون مقالًا منفصلًا.

        واستوقفني بالخصوص قولك: "وقد نوهت الدراسة إلى نقطة مهمة وهي ان العلاقات الاجتماعية ليس بالضرورة تكون ناجحة بكثرة العلاقات وتنوعها،،، يكفي فقط ان يكون في حياة الانسان شخص واحد يستمع إليه ويشاركه همومه وبرامجه ومشاريعه وتطلعاته الحياتية،، على قولة العرب (الخل الوفي). خل وفي واحد فقط يمكن أن يلعب دورا رئيسيا ومهما أكبر من كثرة العلاقات الاجتماعية السطحية."

         صحيت بسوطة وفي انتظار مقالة أخرى.

        • 💓 1