Feed Item

قصيدة المنفرجة

 للشاعر المتصوف ابن النحوي 

هو أبو الفضل يوسف بن محمد بن يوسف المعروف بابن النحوي عاش بين سنتي 433 ـ 513هـ/ 1041 ـ 1119م، وهو من مواليد مدينة توزر بالجنوب التونسي، ثم استوطن مدينة القلعة (لمسيلة حاليا) عاصمة الحماديين الأولى فنسب إليها، وعُدّ من أهلها

قصة نظم القصيدة:

بعد خروجه من بـلدته توزر لاعتـداء واليها عليه وتـأميم أملاكه ، توجه إلى الجزائر فأقام في مسجد بقلعة بني حـماد بالمسيـلة . 

و شكا اليه بعض أهلـه الضيق من فراره من ظالم بلده و رغبوه في رفع الأمر للظـالم ليأذن له بالرجوع فقـال :

لبست ثوب الرّجا والناس قد رقدوا......وقمت أشكوالى مولاي ما أجــــدُ

وقلت يا ســـــــيدي يا منتهى أملي......يا من عليه بكشف الضّـــرّ أعتمدُ

أشكو اليك أمورا أنـــــــت تعلمها......مالي على حمـــلها صبرٌ ولا جلَدُ

وقد مددتُ يدي للضّـــــــرّ مشتكيا......الـــــــيك يا خير من مُدّت اليـه يدُ

فرأى الوالي رؤيا أفزعته و قام مذعورا ، فكف عن ظلمه معترفا بذنبه ، وكتب له بإعادة أملاكه ، لأنه رأى في منامه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو يقول له : أبعث لأبي الفضل بن النحوي في المسجد المعروف بكذا في مدينة القلعة بالمغرب الأوسط (الجزائر) من يأتيك به ، ويقضي مآربه ، فـفعل الخليفة و أرسل في طلبه . فلما حضر بين يديه قال له :

ـ ما حاجتك يا أبا الفضل؟

: فأخبره بأمره . فكتب له باعادة جميع ما أخبره به . ثم قال له -

ـ ما وسيلتك عند رسول الله ؟

فأخبره بنظم هذه القصيدة التي اشتهرت باسم المنفرجة.

إِشتدّي أزمةُ تنفرجي *** قد آذَنَ لَيلُكِ بالبَلَجِ

و ظلام الليل له سُرُجٌ *** حتى يغشاه أبو السُّرُج

و سحاب الخير له مطرٌ *** فإذا جاء الإبَّانُ تَجِي

و فوائد مولانا جُمَلٌ *** لسُروج الأنفسِ و المُهَجِ

و لها أَرَجٌ مُحْيٍ أبدا *** فَاقْصِد مَحْيَا ذَاكَ الأرَجِ

فَلَرُبَّتَمَا فَاضَ المَحْيَا *** بِبُحورِ المَوْجِ من اللُّجَجِ

والخلق جميعا في يده *** فَذَوُ سَعَةٍ و ذَوُ حَرَجِ

و نُزولُهُمُ و طُلوعُهُمُ *** فإلى دَرَكٍ و على دَرَجٍ

و معايِشُهُم و عَواقِبُهُم *** ليست في المَشْيِ على عِوَجِ

حِكَمٌ نُسِجَتْ بِيَدٍ حَكَمَتْ *** ثم انتسجَت بالمُنْتَسِجِ

فإذا اقْتَصَدَت ثم انْعَرَجَت *** فبمُقْتَصِدٍ و بمُنْعَرِجِ

شَهِدَت بعجائِبها حُجَجٌ *** قامت بالأمر على الحُجَجِ

و رِضًا بقضاء الله حِجَا *** فعلى مَرْكوزَتِها فَعُجِ

فإذا انفتحت أبوابُ هُدَى *** فاعجل بخزائنها و لِجِ

وإذا حاوَلْتَ نِهايتَها *** فاحذَرْ إذْ ذَاك من العَرَجِ

لتكون من السُّبّاقِ إذا *** ما جِئْتَ إلى تلك الفُرُجِ

فهناك العَيْشُ و بَهجَتُهُ *** فَبِمُبتهِجٍ و بمُنْتَهِجِ

فَهِجِ الأعمال إذا رَكَدَتْ *** و إذا ما هِجْتَ إذَن تَهِجِ

و معاصي الله سَمَاجَتُهَا *** تَزدانُ لذي الخُلقِ السَّمِج

و لِطاعَتِه و صَبَاحَتِها *** أنوارُ صبَاحٍ مُنْبَلِجِ

من يخْطو بحُورَ الخُلْدِ بِها *** يَحظَى بالحُور و بالفَنَجِ

فكُنِ المَرْضِيَ لهَا بِتُقاً *** تَرْضَاهُ غَداً و تَكونَ نَجِي

و اتْلُ القرآن بقَلْبٍ ذِي *** حُزنٍ و بصَوتٍ فيه شَجِ

و صلاة الليل مسافَتُها *** فاذهَبْ فيها بالفَهْمِ و جِي

و تأمَّلَها و معانِيها *** تَأتِي الفِردوسَ و تَبْتَهجِ

و اشرب تَسْنِيمَ مُفَجِّرِها *** لا مُمْتَزِجًا و بمُمْتَزِجِ

مُدِحَ العَقلُ الآتِيهِ هُدًى *** و هَوَى المُتَوَلِّ عنه هُجِي

و كتاب الله رِيَاضَتُهُ *** لِعُقُولِ النَّاسِ بِمُنْدَرِجِ

و خِيارُ الخَلْقِ هُدَاتُهُمُ *** و سِوَاهُمْ من هَمَجِ الهَمَجِ

فإذا كنت المِقْدَامَ فَلا *** تَجْزَعْ في الحَربِ من الرَّهَجِ

و إذا أبْصَرْتَ مَنَارَ هُدَى *** فاظْهَر فَرْدًا فَوْقَ الثَّبَجِ

و إذا اشْتَاقَت نفسٌ وَجَدت *** ألَمًا بالشَّوقِ المُعْتَلِجِ

و ثَنَايَا الحَسْنا ضَاحِكةً *** و تَمَامُ الضَّحْكِ على الفَلَجِ

و غِيابُ الأسْرارِ اجْتَمَعَتْ *** بأمانتِها تحت السُّرُجِ

و الرِّفْقُ يدوم لصاحِبهِ *** و الخِرْقُ يَصِير إلى الهَرَجِ

صَلَواتُ اللهِ على المَهْدِي *** الهادي الناس إلى النَّهْجِ

و أبي بكرٍ في سيرَتِه *** و لِسانِ مقالتِه اللَّهِجِ

و أبي حَفْصٍ و كرامتِهِ *** في قِصَّةِ سَارِيَةَ الخَلَجِ

و أبي عَمْرٍ ذي النُّورَيْنِ *** المُسْتَهْدِ المُسْتَحْيِ البَهِجِ

و أبي حَسَنٍ في العِلْمِ إذَا *** وَافَى بسَحائِبِه الخَلَجِ

و على السِّبْطَيْنِ و أمِّهِما *** و جميعِ الآلِ بمُنْدَرِجِ

و صَحَابَتِهِم و قَرَابَتِهِمْ *** و قُفَاتُ الأثْرِ بلا عِوَجِ

و على تُبّاعِهُمُ العُلَمَا *** بعَوارِفِ دينِهِم البَهِجِ

يا رَبِّ بهِم و بآلِهِم *** عجِّل بالنَّصْرِ و بالفَرَجِ

و ارحَم يا أكْرَمَ مَنْ رحِمَا *** عَبْدًا عن بابِكَ لَمْ يَعُجِ

و اخْتِمْ عمَلِي بخَواتِمِها *** لِأكون غدًا في الحَشْرِ نَجِي

لَكِنِّي بجُودِكَ مُعْتَرِفٌ *** فاقْبَلْ بمَعَاذِرِي حِجَجِي

و إذَا بك ضَاقَ الأمْرُ فَقُلْ *** إشْتَدِّي أزْمَةُ تَنْفَرِجِي

https://www.facebook.com/167082304220160/posts/522704671991253/