Feed Item

قضينا في الحديث وقت طيبا في التسلية والفكاهة وبعض الفوازير اللغوية والشعرية والأحاديث النبوية الشريفة، وفجأة طرق باب السيارة، وإذا بالطارق احد أصدقائنا من سكان منطقة الماجوري بالبركة، أحد افراد عائلة شوايل الشهيرة، عرض علينا ان يأخذ احدنا الى مكان قريب ويأتي بالميكانيكي لإصلاح السيارة، فوافقنا على الفور، وبعد نصف ساعة أصلح الميكانيكي العطب ونصحنا ان لا نجازف بالصعود في المنعطفات الخطرة.

وبعد صلاة المغرب توقفنا عند اول استراحة قبل الباكور بقليل وتناولنا سندويشات الفاصوليا الفاخرة، وبدأنا الرحلة في فصلها الثاني. كانت الغابات رائعة وجميلة، والعطور الممتعة الفواحة تتطاير في الجو مع شقشقة الطيور وكانت حكايات علي الجبالي الممتعة تزيد عبق الرحلة متعة وثراءً، حتى وصلنا منطقة تسمى "القيقب". 

القيقب هي إحدى المناطق الجميلة الواقعة على سفوح الجبل الأخضر، في الشمال الشرقي من ليبيا، وهي منطقة صغيرة بين منطقتي الفايدية ولملودة من جهة الغرب، ومنطقة الأبرق من الجنوب، على خط طريق سلنطة سيدي الحمري الفايدية، وعلى طريق لملودة ومراوة والمرج. 

وينسب الاسم الحالي للقيقب إلى شجرة جذابة كثيرة الأنواع، كما تشتهر القيقب بعيون المياه الطبيعية، ذكرها الجغرافي (بطليموس) في القرن الثاني الميلادي باسم (اكابيس)، كما ورد ذكرها كمحطة هامة على الطريق الرابط بين قورينا ومصر وذلك في خريطة الجغرافي (بيوتنجر) باسم (أجابيس)، وورد إسمها بصيغة (أجابوس) في كتاب (الكوزموغرافيا رافينا) الذي تم وضعه أو كتابته في زمن قديم وأكمل كتابته رجل دين في عام 700م وهذا الكتاب هو دليل جغرافي للاماكن والمحطات الهامة الواقعة بين الهند والجزر البريطانية.

كان علي الجبالي يعرف المنطقة جيدًا، ويخبر دروبها ومنعرجاتها، ورغم قلة النوم لم نحس بالإرهاق او التعب، حتى وصلنا إلى مرتفع ام الرزم فقد بدأنا نحس بخطورة المرتفعات والمنخفضات المفاجأة وفي أعلى إحداها عجزت السيارة عن التقدم وبدأت تنحدر الى الخلف، وانطفأ المحرك على حافة الهاوية..... أحسسنا بأن النهاية قد حلت، وفي اللحظات الاخيرة تمكن على من شد المكابح اليدوية، توقفت السيارة. 

لم يتجرأ أحدنا على أن ينظر الى الخلف ولم يمكن تحريك او دفع السيارة الى الامام. وجوهنا كانت واجمة، العرق يتصبب بغزارة على وجوهنا ولم يستطع أحدنا قول كلمة واحدة. حاولنا فتح الأبواب دون جدوى، وكأنها أوصدت من الخارج. وساد صمت طويل، وبهدوء أخرج زميلنا احمد مصحفه الصغير من جيبه وبدأ يتلو بعض الآيات من القران، ثم تذكرنا قوله تعالى "وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين"...

 إلى ان نلتقي في الصفحة الاخيرة وكيف تمكننا الخروج من هذا المنعرج أحياء....

  • 💓 1
Comments
    • الله الله دكتور علي. نقلتنا إلى أجواء بنغازي القديمة الجميلة ...في انتظار الجزء الثالث بكل شغف. 

      Login or Join to comment.