من الذاكره: المناجاه ( الصفحه الاخيره )

لك الحمد مهما استبد الالم لك الحمد مهما استطال البلاء ،

لك الحمد ان الرزايا عطاء

وأن المصيبات بعض الكرم

بدر شاكر السياب ،

الشاعر العراقي

ببن اليأس والرجاء، حين يتعب السؤال، وينكسر الصوت بعيد عن النور… لا في

السماء فقط، بل في الإنسان نفسه. هذه الصفحات ليست حكايةً عن رمز بعيد،

بل عن كلّ من مرّ بتجربة ثم سمع في داخله نداء العودة.
إنها رحلة في طريق

النور والصدق، يخطو فيها و يتقدّم ذلك القلب وحده،وحين يبحث كلّ إنسانٍ عن طريقٌ خفيّ

لا يُرى بالعين، بل يُسمع بنداءٍ صامتٍ في القلب.
ذاك الطريق يبداء من عدم وضوح

إلى البصيرة، ومن الخوف إلى السلام، ليكتشف أن المناجاة ليست مكانًا نصل

إليه، بل حالٌ نعيشه حين نصدق مع الله ومع أنفسنا. قد يظنّ القارئ أن

النهاية هي الوصول، لكنها — كما في الحياة — مجرّد بدايةٍ أخرى في طريقٍ

لا ينتهي، ما دام في القلب ضوءٌ يُضيء الخطوات

كان الفجر يهمّ بالاشراق حين خرج من بيته، يحمل في صدره ضجيج الأسئلة

التي لم يجد لها جوابًا. لم يكن الطريق أمامه واضحًا، لكنه شعر أن عليه

أن يسير، ،أن يمضي، نحو مكانٍ لا يعرفه، بحثًا عن طمأنينةٍ فقدها في صخب

المدينة.

كان الليل ما يزال يحكم قبضته على الأفق، لكن في قلبه كان ضوءٌ خافت

يتسرّب كنسمة بين حروف الدعاء. جلس على الصخر قرب الوادي، ينصت إلى صمتٍ

عميق كأنه يسمع نفسه للمرة الأولى،

عاد إلى المدينة مع أول ضوءٍ للشمس. السيارات تتزاحم، والوجوه خلف الزجاج

غارقة في همومها. لكنه كان يرى في كل هذا مشهدًا من رحمة الله التي لا

تغيب.

مرت أسابيع على عودته، وصار أثر الرحلة واضحًا في كل تصرف. كان المرضى

يغادرون عيادته وهم يشعرون بخفةٍ لا تفسَّر. قال له أحد زملائه: ما الذي

تغيّر فيك؟ فأجاب بابتسامة: لم أتغير، فقط صرت أرى.

ما بعد الضوء

في صباحٍ ربيعيٍّ هادئ، جلس على ضفاف النهر، يحمل دفتره القديم، يقلب

صفحاته ويبتسم لدموعٍ جفّت وحروفٍ بقيت تنبض بالحياة. سمع صوتًا في داخله

يقول: المناجاة ليست أن تصل… بل أن تظلّ في طريقك، كلّما أشرقت فيك نية

الصدق.

💓 1
Comments (2)
    • تعابير وإسقاطات رائعة دكتور علي. حفظكم الله.

      • جزاك الله خير اخي الحبيب اخي الكريم فتحي. هي مجرد محاولات لا اكثر ولك كل التحيه

        Login or Join to comment.