·   ·  20 posts
  •  ·  8 friends
  • ا

    8 followers
  •  ·  Advanced Member

مـن الـذاكـرة (1) - الصفحة الأولى

كنا ثلاثة في جلسة سمر بعد صلاة العشاء، فقال صديقي على الجبالي (يرحمه الله): "مارأيكم في رحلة الى الجبل الأخضر"، قلت بهدوء: "لم أرَ الجبل الأخضر منذ سنوات، منذ أن ذهبت مع والدي (يرحمه الله) في رحلة إلى القاهرة بعد نجاحي في الشهادة الاعدادية"، وقال صديق طفولتي أحمد ابوشعالة (متعه الله بالصحة وطول العمر): لا أذكر لي زيارة إلى الجبل الاخضر، قال علي: إذًا نعمل مسابقة لعبة ظامة من يفوز يتولى إمارة الرحلة.

كان على وقتها شابًا وفناناً مبدعًا، يجيد كل الألعاب وكل الفنون؛ الرسم، الخط، كرة القدم، ولم يسبق أن تقدمت عليه في لعبة. كان مذهلاً، وكنت قد تعرفت عليه وعلى أسرته بعد أن ترك مدينة المرج عام ١٩٦٣ بعد الزلزال. وكالعادة فاز علي الجبالي وخسرت انأ وأحمد!

قرر علي نذهب اليوم التالي وسيأجر هو السيارة، واشتري أنا السندويتشات ويشتري أحمد المشروبات ويحضر الشاي. كان علي يتكفل دائمًا بالامور الثقيلة.

ذكرت على أن والدي لايسمح بالسفر البعيد، فأخبرني علي بكل ثقة: "اترك امر عمي يوسف لي، سأكلمه أنا". كان محقًا، فوالدي كان يبجله كثيرًا، وكان الأثنان يشتركان في كثير من المواهب كالشعر والخط والرسم، وكانت والدتي تعد الأكل الخاص لعلى الجبالي عندما يأتي إلينا في البيت، وكانت تسميه بـ "علي الكبير" لأنه يكبرني بثلاث سنوات. لم يمضِ وقت طويل حتى أخبرني والدي بأنه لامانع لديه من سفري، وأحضر علي السيارة، وبدأت الرحلة.كانت رحلة مدهشة، كان "علي الكبير" هو وحده قادر على قيادة السيارة. 

الوقت بعد صلاة الفجر في مسجد المقصبي بالبركة لايبعد كثيرا عن مكان سكني وسكن أحمد، وقد وصلت أنا ومعي شنطة محملة بالملابس الشتويه الثقيلة، كانت والدتي قد أعدتها بالليل. ووصل أحمد ومعه حقيبة صغيرة وست قارورات سينالكو ووصل علي بسيارة جاره الفولكس الخنفوسة، وقال انه استاجرها من جاره المريض. 

وبعد صلاة الفجر، طلب علي من أحمد ان يقول دعاء السفر ويتلو علينا بعض الآيات، وكان احمد أصغرنا سنًا، وأكثرنا إطلاعا. قليل الكلام، يكثر من قراة القران والذكر. كان أديبًا، كثير الاطلاع، وكنت أكبره بشهور وربما بسنة. ولدنا في  بيت واحد، من شقتين، في شارع المهدوي قرب سوق الحوت الشهير في مدينة بنغازي. 

انطلقت بنا السيارة ،يقودها علي، وعلى مشارف منطقة برسس توقفت السيارة فجاة. حاول علي إصلاح العطب، وأخيرا وبعد قرابة ساعة من المحاولة، قررنا أن نبدأ الافطار. طلب علي مني إحضار السندويتشات وكانت المفاجأة. نسيتها في البيت، قلتها بصوت متقطع...فاحمر وجه علي غاضبا ورايت قطرات عرق على سطح أنفه، وقال بصوت منفعل: "هذا اهمال لايحتمل" ،وبدأ أحمد يهديء من غضب علي، الذي ماكان منه إلاَّ أن جاء واحتضنني. لاباس، قال احمد. فالنعزم الصيام بقية النهار... مجبر اخاك لابطل.

كانت هذه الرحلة أسعد رحلة عشتها في حياتي، فياترى ما هي بقية مفاجات هذه الرحلة المثيرة. الى ان نلتقي في الصفحة القادمة....

💓 1
Comments (1)
    • رائعة دكتور علي. خطرها على "السينالكو" الصفراء والبرتقالية..وفولكس الخنفوسة...في انتظار باقي الرحلة لو سمحت. 

      Login or Join to comment.