·   ·  8 posts
  •  ·  2 friends
  • 2 followers
  •  ·  Advanced Member

أستطيع تدريس أي مادة

في منتصف التسعينيات تقريبا من القرن الماضي كنت طالبا في دراسات عليا ومعيدا بكلية الهندسة بجامعة بنغازي وقد أنهيت كل المقررات الدراسية وكنت في مرحلة البحث عندما جاء أستاذ جديد وهو غير ليبي وتم تعيينه بدرجة علمية عالية كعضو هيئة تدريس بقسم الهندسة الكهربائية والالكترونية.

لم يكن من السهل التعامل معه وكان يبدو غريب الاطوار فطلب مني بعض الزملاء الذين كانوا يحتاجون لإكمال مقرراتهم الدراسية للماجستير أن اذهب اليه واطلب منه تدريس مقرر (مادة) للدراسات العليا.

في ذلك الوقت كان هناك نقص كبير في المواد خصوصا للدراسات العليا كما ان هناك نقص في أعضاء هيئة التدريس. المهم أنني اخذت معي قائمة مواد القسم وكانت تنقسم الى ثلاثة شعب مواد اتصالات وقوى كهربائية ومواد تحكم آلي. نقلت له رغبة الطلبة وكذلك قائمة المواد (كانت تتكون من عدة صفحات) فنظر الى القائمة وقلبها بشكل سريع ثم أعطاها لي وقال انا أستطيع تدريس أي مادة بغض النظر عن التخصص. فقلت له أن الطلبة يريدون مادة الاتصالات الرقمية فوافق.

عندما خرجت سألني الطلبة وكلهم اليوم أصدقاء اعزاء واغلبهم تحصل على الدكتوراه وربما يتذكرون ذلك الموقف. قلت لهم هذا الدكتور إما أنه استثناء وعالم كبير جدا أو انه لا يعرف شيئا وأنا ارجح الاحتمال الثاني. وبالفعل كان هذا الأستاذ كارثة بكل ما تعني الكلمة وكان يمكن أن يتسبب في كوارث تعليمية لولا أنه قد تم كشف خداعه مبكرا مع انه درس بعض المواد في البكالريوس.

رئاسة القسم في ذلك الوقت بذلت مجهودا كبيرا لإلغاء عقده ولكن الجامعة قالت انه لا يمكن الغاء العقد وينبغي للقسم الاستفادة منه في أي شي كوضعه في أي معمل مثلا. لا أدري عن التفاصيل بعد ذلك ولكن ما سمعته أنه انتقل الى جامعة ليبية أخرى شرق بنغازي واستمر معهم. طبعا أمثال هؤلاء المخادعين والمخدوعين في أنفسهم موجودين في كل مجتمع بغض النظر عن البلد أو الجنسية.

أي شخص يتباهى بعلمه ومعارفه الواسعة وتشعر بالكبر والفوقية في حديثه فهو في الغالب مثل صاحبنا هذا لا يعرف شيئا مما يعتقد أنه خبيرا به. من يعرف قيمة العلم حقا سوف يستحقر ويستصغر ما يعرفه أمام ما لا يعرفه مهما بلغت به المعرفة والعلم. 

💓 1
Comments (2)
    • صدقت دكتور محمد. جزء من مآسي التسعينيات

      • 1
      • وفي تصوري ان هذه الظاهرة السيئة قد تكون منتشرة ومستفحلة هذه الأيام نتيجة للفراغ الحاصل في دواليب الدولة الليبية،، فهذا وقت الرويبضات والأفاقين من اهل البلد أو من خارجها المستفيدين من الفوضي التي تعم البلاد هذه الأيام،،، نسأل الله ان يصلح حال البلاد،، فقد تحدث معي صديق تونسي على لسان تاجر تونسي يشتغل في ليبيا،، قال له : ان تجارتي تنتعش كلما زادت الحروب والفوضي في طرابلس،، وان هذا هو أنسب وأفضل وقت له في التجارة والربح،،، سبحان الله،، كم هو الانسان ظلوم،،

        Login or Join to comment.