الشيخوخة بين الجينوم والإكسبوزوم: قراءة في فلسفة طول العمر
في مقال سابق تحت عنوان "الجينوم أم الإكسبوزوم: أين يكمن الحل لعلاج الأمراض المزمنة؟" تطرقنا فيه إلى تعريف مصطلحي الجينوم والإكسبوزوم، وقلنا إن الجينوم هو: كامل مادة الـDNA التي تحتوي على جميع الجينات والتعليمات الضرورية لنمو الكائن الحي ووظائفه، ويُعد بمثابة الخريطة الأساسية لبناء الجسم وتشغيله. أما الإكسبوزوم فهو: مجموع التعرّضات البيئية التي يمرّ بها الإنسان طوال حياته، منذ الحمل حتى الوفاة، ويشمل العوامل الخارجية مثل الملوّثات والغذاء ونمط الحياة، والعوامل الداخلية المنبثقة من اختيارات الفرد وثقافته وعلاقاته وتفاعلاته الحيوية كالتمثيل الغذائي والميكروبيوم. وهو يمثل كل ما يحيط بالإنسان ظاهرا وباطنا، بتعقيداته وتداخلاته، تماما كما هو الحال مع الجينوم. وخلصنا إلى أن المجتمع العلمي في منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي انحاز إلى مشروع تشريح الجينوم ودراسته دراسة مستفيضة لمعرفة وظائفه البيولوجية المتعددة على حساب دراسة الإكسبوزوم ومآلاته، للوقوف على الأسباب المفضية إلى الأمراض المزمنة وإمكانية إيجاد حلول لها والقضاء عليها. كل هذا كان من خلال إطلاق أكبر مشروع في الطب الحيوي وعلوم الحياة في القرن الحادي والعشرين "مشروع الجينوم البشري" الذي بدأ في أكتوبر من عام 1990 على حساب دراسة أهمية الإكسبوزوم والتعرف على دوره المحوري فيما آلت إليه البشرية اليوم بإصابتها بأمراض لم تكن في اسلافها، أو على الأقل لم تكن هذه الأمراض بالعمق الرأسي (التعقيد) أو الانتشار الأفقي التضاريسي الحالي. مستوى لأمراض مزمنة معقدة لم تسلم منه الدول النامية ولا المتقدمة سواء بسواء. أمراض مزمنة معقدة أصبحت تشكل قلقا وعبأ متزايدا على ميزانيات دول العالم دون نجاحات تتناسب مع حجم الانفاق الحكومي والخاص على التوالي.
بدون شك، مشروع الجينوم البشري والمقارن فتح الباب على مصراعيه لطرح أسئلة فلسفية وعلمية عميقة في أغلب مجالات علوم الحياة والطب الحيوي بدأ من علوم تخزين العينات والبنوك الحيوية مرورا بأخلاقيات المشروع بما فيها تحليل وتخزين ومشاركة بياناته الضخمة وتطبيقاتها في الحقول المختلفة، وليس انتهاء بمشروع الميكروبيوم البشري، والحبل على الجرار. ومع التقدم التقني الرهيب الذي صاحب انجاز المشروع والتسريع بالانتهاء منه، تم تسخير آليات المشروع وأدواته في معرفة كنه الأمراض المزمنة وأسبابها - كالأورام السرطانية، والسكري، وأمراض جهاز الدوري، والأمراض العصبية والخرف والزهايمر إلخ.
وعلى هذا المنوال بدأت بوصلة المجتمع العلمي تتجه – مؤخرا - نحو فك شفرة موضوع حيوي ومهم شغل الإنسان منذ القدم ألا وهو موضوع "الشيخوخة وطول العمر". فالبحوث والمشاريع والأفكار في مجال علوم الشيخوخة تسارعت في الآونة الأخيرة بسرعة غير مسبوقة، حتى تضاعفت الاستثمارات في هذا المجال إلى 7.3 مليار دولار عام 2024، مدفوعة بطفرة معرفية تجمع بين البيولوجيا الجزيئية وإمكانية قرصنتها، والذكاء الاصطناعي، والطب الشخصي، والبيانات الضخمة. ومع هذا، فالقطاع ما زال أقل بكثير من مستوى التمويل المطلوب مقارنة بحجم التحديات الصحية العالمية. ومع ذلك، ورغم هذا الزخم العلمي، لا يزال لغز الشيخوخة بعيدا عن الفهم الكامل. فما الذي يجعل بعض الأفراد يعيشون أعمارا أطول وبصحة أفضل؟ ولماذا يتدهور جسم الإنسان بطرق مختلفة عبر الزمن؟ وهل المستقبل يحمل إمكانية إبطاء الشيخوخة أو عكسها؟ لماذا نتقدم في العمر؟ وهل توجد عمليات أساسية للشيخوخة، وإذا وُجدت فكيف تُزامِن التغيّرات المرتبطة بها؟ وما العوامل التي تُعد محركات أساسية للشيخوخة مقابل العوامل الثانوية التي ترافقها؟ وأيّ الأنسجة أو الأعضاء أو أنواع الخلايا تسهم بشكل أكبر في حدوثها؟ وكيف تتفاعل آليات الشيخوخة على مستوى الجسم بالكامل مع الآليات الذاتية داخل الخلية؟ وهل تبدأ الشيخوخة تدريجيا أم من خلال برمجة مبكرة في مراحل الحياة الأولى؟ وما أقدم التغيرات القابلة للكشف التي يمكن أن تتنبأ بمسار الشيخوخة عبر الحياة؟ ولماذا تختلف الشيخوخة بشكل كبير بين الأفراد؟ وكيف يتوازن تراكم الضرر البيولوجي مع آليات الإصلاح عبر مراحل العمر؟ وما دور العشوائية البيولوجية في تشكيل مسار الشيخوخة؟ وكيف تتحكم عمليات الأيض واستشعار المغذيات في سرعة التقدم في العمر؟ وما الذي يحدد الحد الأقصى الممكن لعمر الإنسان، وهل الشيخوخة عملية مبرمجة أم غير مبرمجة؟ كما يبرز تساؤل حول كيفية تداخل المسارات التطورية (النمائية) مع مسارات الشيخوخة، وما العمليات البيولوجية الأكثر ارتباطا سببيا بمدة طول العمر الصحي وجودة الحياة، وأخيرا – وليس آخرا - كيف تتفاعل آليات الشيخوخة المتعددة ضمن حلقات تغذية راجعة معقدة تشكل مجتمعة مسار الشيخوخة عند الإنسان.
هذه الأسئلة وغيرها الكثير، تمثل جوهر النقاش العلمي، الذي شكّل الأساس لدراسة علمية واسعة قدّمت قائمة تضم 100 سؤالا مفتوحا في علوم الشيخوخة وطول العمر، جُمعت عبر منصة الكترونية تحت مسمى "معرفة طول العمر" (LongevityKnowledge.app)، ووُثّقت لاحقا في دراسة علمية موسعة نُشرت عام 2025 في مجلة "علم الشيخوخة". وقد أصبح هذا العمل بمثابة خارطة طريق جديدة لعلماء بيولوجيا الشيخوخة حول العالم، حيث يعرض القضايا التي ما يزال العلم عاجزا عن حسمها، ويحدد المسارات المستقبلية لفهم "فلسفة الشيخوخة الصحية وطول العمر".
في هذا المقال نعيد قراءة هذه الإشكاليات والأسئلة - التي طرحت في هذه الدراسة العلمية - من منظور ثنائية: الجينوم بوصفه البنية الداخلية التي تحدد مسار العمر البيولوجي، والإكسبوزوم بوصفه البيئة الكاملة التي تنحت العمر الفعلي.
الجينوم: قلب اللغز البيولوجي للشيخوخة
عند استعراض المئة سؤال المنشورة على المنصة والمُدرجة في الدراسة العلمية، يبرز بوضوح أن الجزء الأعظم من هذه الأسئلة ينتمي إلى عالم الجزيئات والآليات الدقيقة داخل الخلايا (الجينوم). فقد تركزت أغلب الأسئلة حول ظواهر متعددة مثل: تلف الحمض النووي، واضطراب الميتوكوندريا، والانجراف اللاجيني، وانهيار منظومة البروتيوم، وشيخوخة الخلايا، واضطراب الإشارات الالتهابية، ومسارات الاستشعار الغذائي مثل mTOR و AMPK ، الخ. هذه الآليات ليست مجرد تفاصيل فنية، بل تمثل “اللغة الداخلية” التي تتحدث بها الشيخوخة داخل أنسجة وأعضاء الإنسان. ومن هنا، جاءت سيطرة الأسئلة الجينومية على القائمة؛ إذ يشكل هذا النوع من الأسئلة نسبة تقارب (88%) من الإجمالي الكلي للإشكالات المطروحة، وفقا لتحليل قائمة الأسئلة المرفقة في قاعدة البيانات المشار إليها أعلاه. في رأي المتواضع، هذا الميل أو الانحراف نحو العامل الجينومي لا يعكس مبالغة في تقدير دور الجينوم في التحكم في الشيخوخة بقدر ما يعكس طبيعة المرحلة البحثية التي يمر بها علم الشيخوخة اليوم، ومزاج المجتمع العلمي – نعم مزاج المجتمع العلمي - نحو الاستعانة بالجينوم وأدواته لتفسير الظواهر المختلفة للأمراض المزمنة، ومنها ظاهرة الشيخوخة وطول العمر. فمن خلال أدوات وتقنيات علوم الجينوم، يستطع العلماء اليوم أن يقيسوا الطفرات بدقة، ويراقبوا التغيرات اللاجينية عبر الزمن، ويفككوا شبكات البروتينات المعقدة، ويستخدموا الكائنات النموذجية والذكاء الاصطناعي لاختبار المسارات الجينومية. هذا النوع من الأسئلة قابل للقياس والتجريب، وله أدوات واضحة ومنضبطة. إضافة إلى ذلك، فإن جميع المؤثرات الخارجية – ومن ضمنها الغذاء والرياضة والبيئة والتوتر – لا تعمل إلا عبر تعديل أو تحفيز أو تثبيط مسارات جينية. ولذلك، فإن فهم الجينوم يعد شرطا أوليا لفهم أي تدخل خارجي يؤثر على الشيخوخة.
الإكسبوزوم: الوجه الخارجي غير المرئي للعمر الصحي
على النقيض من العالم الجزيئي النانوي، يقف “الإكسبوزوم” بوصفه مجموع المؤثرات التي يتعرض لها الإنسان طوال حياته: نمط الغذاء، الحركة، التلوث، النوم، العدوى، البيئة الاجتماعية، العوامل النفسية، والضغوط اليومية. ورغم أن الدراسات العلمية الوبائية المنشورة تشير بوضوح إلى أن الإكسبوزوم يفسر ما بين (75% -80) من التباين في العمر بين الأفراد، إلا أن الأسئلة المتعلقة به في القائمة أعلاه لا تتجاوز (12%) فقط. هذا التباين بين الأهمية الواقعية والتمثيل في الأسئلة العلمية المذكورة ليس تناقضا، بل يعكس طبيعة صعوبة دراسة الإكسبوزوم. فالعوامل البيئية والسلوكية شديدة التشعب، طويلة المدى، ومعقدة القياس، ولا يمكن التحكم بها معمليا كما تُضبط الجينات والآليات الخلوية. وبالتالي، تبدو الأسئلة المتعلقة بالإكسبوزوم واسعة وعامة وغير قابلة للتجزئة والاختزال إلى أسئلة ميكانيكية دقيقة كالأسئلة الجينومية. ورغم ذلك، فإن دور الإكسبوزوم العملي عظيم؛ فبيئة الإنسان تستطيع تسريع الشيخوخة أو كبحها، وتجعل المسارات الجينومية تعمل في اتجاه الضرر أو العافية. ولهذا، فإن دمج الإكسبوزوم في البحث العلمي المستقبلي أصبح ضرورة، لا سيما مع دخول التقنيات الرقمية، والساعات البيولوجية، وأجهزة قياس الصحة المستمرة.
تعاون الجينوم والإكسبوزوم: فلسفة جديدة للشيخوخة الصحية
إن أكثر الأسئلة العلمية في هذا التخصص تتركز حول ماهية الشيخوخة، وكيف تبدأ، ولماذا تختلف بين الأفراد والأنواع. هذا التركيز يؤكد أن العلم لم يحسم بعد سؤالا جوهريا: هل الشيخوخة ظاهرة مبرمجة أم عرض جانبي للتعطل التراكمي؟ وإلى أي مدى يتحكم الجينوم في خطوط العمر، مقابل دور البيئة وعوامل الحياة؟ وتكشف هذه الأسئلة أن فهم الشيخوخة الصحية يتطلب رؤية تكاملية لا تفصل بين الداخل الجيني والخارج البيئي، فالجينوم يحدد "الاستعداد"، بينما يشكل الإكسبوزوم “النتيجة”. ومن تفاعل الاثنين تُبنى منظومة الصحة عبر العمر،
وعليه نقول: إذا كان الجينوم هو النص البيولوجي المكتوب داخل الخلية، فإن الإكسبوزوم هو عملية التحرير المستمرة لهذا النص عبر العقود.
أين يقف العلم اليوم؟ وما الذي تكشفه المئة سؤال عن مستقبل الشيخوخة؟
تتوزع الأسئلة العلمية البحثية الـ 100 على أحد عشر محورا، أبرزها: آليات الشيخوخة، الآليات الجزيئية، المقارنات بين الأنواع (الحيوانات والطيور والأسماك)، المؤشرات الحيوية، والتدخلات العلاجية. وقد أظهرت البيانات الواردة في الرسم البياني المنشور في الورقة العملية إلى أن هذه المحاور الخمسة وحدها تستحوذ على أكثر من نصف القضايا المطروحة، وهو ما يعكس حجم التركيز العالمي على فهم الشيخوخة من الداخل، وعلى تطوير مؤشرات حيوية وعلاجات تستهدف آلياتها العميقة. ويؤكد المؤلفون، اعتمادا على تحليل 389 ألف ورقة بحثية، أن الأسئلة الكبيرة مثل “لماذا نكبر؟” أو “كيف تنشأ السنن الخلوية للشيخوخة؟” لا تزال تتصدر اهتمام العلماء، في حين أن الأسئلة المرتبطة بالبيئة والسلوك (الإكسبوزوم) لا تحظى بتغطية واسعة في الأدبيات. وهذا يشير إلى أن العلم ما يزال في مرحلة بناء الخرائط الأساسية قبل الانتقال إلى مرحلة التدخلات الشاملة والممارسات السريرية الموسعة.
نحو علم جديد لطول العمر… بين التدخلات الجزيئية وأنماط الحياة الذكية
يضيق الفارق اليوم بين ما يُعرف بـ "طب الشيخوخة" و "طب طول العمر"، حيث يتحول التركيز من علاج الأمراض المرتبطة بالعمر إلى إبطاء الشيخوخة نفسها. وقد بدأت ملامح هذا التحول من خلال: العلاجات الجينية، محفزات الالتهام الخلوي، مضادات الشيخوخة (senolytics)، الساعات البيولوجية الدقيقة، إعادة البرمجة الخلوية، الدمج بين الذكاء الاصطناعي والتوأم الرقمي للإنسان (Human Digital Twin (HDT)). لكن هذه التدخلات لا يمكن أن تنجح بمعزل عن أنماط الحياة؛ فالغذاء والنشاط والنوم والبيئة والحالة النفسية تشكل أساس الفعالية لأي تدخل جزيئي. وهنا، يظهر الإكسبوزوم بوصفه الجزء الذي يكمل غموض الجينوم، ويحوّل "فلسفة الشيخوخة" إلى نمط عيش متكامل.
إن القراءة المتأنية للمئة سؤال العلمية التي جمعتها منصة "معرفة طول العمر" (LongevityKnowledge.app) ، وأعيد تحليلها في الورقة العلمية تكشف أن الشيخوخة ليست مسارا خطيا ثابتا، بل شبكة ديناميكية تتداخل فيها أدوات الجينوم مع أدوات الإكسبوزوم على مدار الساعة. فإذا كان الجينوم يرسم حدود الإمكانات البيولوجية، فإن الإكسبوزوم يعيد تشكيل هذه الإمكانات عبر الزمن، فيرفع الشيخوخة أو يخفضها، ويعزز الصحة أو يضعفها. لذلك، تبرز هنا فلسفة جديدة للشيخوخة الصحية: لا يمكن فهم العمر الطويل إلا عبر الجمع بين البيولوجيا العميقة والسلوك البشري، بين الإصلاح الخلوي والوقاية، بين المختبر ونمط الحياة. ومع استمرار تطور علم الشيخوخة، يبدو أن السؤال لم يعد: كم سنعيش؟ بل أصبح: كيف يمكن للعمر أن يكون صحيا، خفيفا، وممتدا؟ هذا السؤال هو الذي سيقود، بلا شك، جيلا جديدا من الأبحاث والسياسات والممارسات التي تعيد صياغة علاقتنا بالزمن.
وبعيدا عن محتوى الدراسة العلمية المنشورة أعلاه، وفي سياق آخر يتماشى مع جهود المجتمع العلمي والقطاع الخاص في مجال أبحاث الشيخوخة، أطلقت شركة التأمين الكندية متعددة الجنسيات "مانولايف"(Manulife) مؤخرا، معهدا جديدا للشيخوخة والصحة الممتدة تحت اسم(Longevity Institute) ، مدعوما بالتزام مالي يبلغ 350 مليون دولار حتى عام 2030. ويهدف هذا المشروع إلى تسريع التقدّم في مجالات الصحة مدى الحياة وتعزيز القدرة المالية للأفراد في ظل التحوّلات الديموغرافية التي تعيد تشكيل توقعات الناس حول كيفية العيش والعمل والتقدّم في العمر.
وتقول مانولايف إن المعهد الجديد يسعى إلى سدّ الفجوة المتزايدة بين طول العمر (Lifespan) والصحة الممتدة (Healthspan)، وهي فجوة تؤدي إلى أن يقضي كثير من الأشخاص جزءا كبيرا من سنوات حياتهم المتأخرة في حالة صحية متدهورة، فيما يواجه نحو اثنين من كل خمسة أفراد حالة من عدم الأمان المالي. ويهدف المعهد إلى أن يكون منصة عالمية للبحث والدعم المجتمعي، تجمع شركاء أكاديميين ومراكز تفكير وخبراء من القطاع المالي والصحي لتطوير حلول مبتكرة تدعم حياة أطول وأكثر صحة، مع رفاه مالي أكثر استدامة. وتتمحور رؤية المعهد حول هدفين أساسيين: 1- مساعدة الناس على الحفاظ على صحة بدنية وعقلية وعاطفية أفضل طوال حياتهم.، 2- تعزيز الثقة المالية لدى الأفراد من خلال الأدوات والتثقيف والتخطيط المالي. وترى مانولايف أن تحسين السلوكيات الصحية اليومية، والكشف المبكر، والتغذية، والحركة هي عناصر أساسية لإطالة فترة الصحة الجيدة، بينما تُعدّ المرونة المالية ضرورة لإدارة عدم اليقين المصاحب لطول العمر.
أخلص وأقول بأن السباق المحموم لمراكز بحوث الطب الحيوي وعلوم الحياة، والمبادرات الحكومية والخاصة، والتحالفات والمشاريع البحثية الضخمة التي انطلقت عالميا خلال العقود الثلاثة الماضية من عباءة مشروع الجينوم – في تصوري – عجزت في معرفة الأسباب المفضية إلى الأمراض المزمنة، ولم تستطع – حتى هذه اللحظة - تخفيف معاناة الناس من الإصابة بها وعلاجها، وأن وعود الطب الشخصي لازالت بعيدة المنال، ولم تتحول إلى واقع ملموس يستفيد منه الناس. وعلى نفس المنوال ستنتهي بنا مشاريع البحث عن آليات طول العمر والشيخوخة الصحية – غالبا - إلى نفس المصير، وإن التوجه نحو إطالة طول عمر الإنسان لتتخطى حاجز سقف الـ 122 عام، بالاعتماد على القرصنة البيولوجية، والتلاعب بمادة الجينوم من خلال التحكم في الساعة البيولوجية أو هندسة التعابير فوق الجينية أو من خلال الميتوكوندريا أو التيولوميترات وغيرها من الأفكار والفرضيات، كل هذا يطرح أسئلة أخلاقية مهمة عن مدى ملائمة هذه المشاريع لأخلاقيات البحث العلمي. فكلمة "قرصنة بيولوجية" “Biohacking” من وجهة نظري كلمة غير مريحة ويثار حولها الجدل في الأوساط العلمية. ولعلها فرصة ندعو فيها إلى فتح النقاش حول هذا التوجه العلمي المحموم من وجهة نظر الشريعة الإسلامية.
وللإطلاع على المزيد من محتوى المقال يمكن الرجوع إلى الروابط التالية:
https://link.springer.com/article/10.1007/s11357-025-01964-4
https://www.longevityknowledge.app
https://longevity.technology/news/insurance-giant-launches-350m-longevity-institute