الفكر الريعي!!!

جديد

يتولد الإطار العام للثقافة أي مجتمع نتيجة للبيئة التي يعيش فيها والأحداث التي يمر بها. وقد كان الأساس الاقتصادي في المجتمع الليبي قائمًا على الزراعة والرعي، ولم تكن التجارة حاضرة بالمفهوم المعروف، إذ كان الفلاح يبيع منتجاته الزراعية، والراعي يبيع منتجاته الحيوانية، وبهذا أصبحت الزراعة والرعي عماد الاقتصاد في المجتمعات الليبية المتفرقة.

اعتمدت أغلب المناطق على “الزراعة البعلية”، حيث يحرث الفلاح الأرض وينتظر نزول الأمطار لسقيها. أما الراعي، فكان يرحل بحثًا عن المروج الخضراء ومصادر المياه، متوكلاً هو الآخر على الأمطار كنعمة من الله تنبت الأرض.

هذا النمط من العيش جعل الفلاح والراعي في حالة انتظار دائم لمصدر مجاني للحياة، مما غرس في أذهان المجتمع ثقافة الاتكال على عنصر خارجي لا يبذل فيه جهد، بل يَنتظر العطاء.

ومن هنا نشأ مجتمع اتكالي غير منتج في عمومه؛ فالكثير من العاملين في القطاع العام ينتظرون المرتب دون أداء عمل حقيقي، والخريجون ينتظرون التعيين دون سعي في سوق العمل. المطاعم فيها اكثر من مواقع العمل والانتاج. أصبحت الدولة نفسها ريعية، تعتمد على دخل النفط الذي يُستخرج مجاناً وليس بالمجان من الأرض، دون وجود تنوع اقتصادي حقيقي. وحتى الحكومة، للأسف، لم تُستثمر هذه الموارد في بناء بنية تحتية أو تطوير قطاعات إنتاجية.

لن تتغير البلاد حتى يتحول الفكر العام من الاتكالية إلى الإنتاج، والاعتماد على مصادر دخل متنوعة. وكما قال التجار قديمًا: اللِّي يبي الناس، يكثر الأكْداس. ولا ننكر ما تحقق من نمو تجاري واستيراد، إلا أن التركيز على الإنتاج الزراعي، الحرفي، والصناعي، هو الذي يوفر فرص العمل للشباب ويغير نمط التفكير العام في المجتمع، كما حدث في كثير من دول الجوار.

انتهى

💓 1
التعليقات (0)