·   ·  20 posts
  •  ·  8 friends
  • ا

    8 followers
  •  ·  Advanced Member

من الذاكرة - 6

انطلقت المركبة الكحلية اللون من وسط بيروت بحثا عن المكتب الاسلامي، وبعد ربع ساعة من السرعة العالية وصلت المركبة المريحة الى فيلا في الضاحية الشمالية الشرقية من بيروت. قال السائق، وكأنه كان على مضض: "يمكنكم النزول الان". قال صديقي نورالدين سمور، والذي كنت أرافقه، بدهشة مريبة: "ولكن هذا ليس هو المكان الذي نريد، هذا مكان تلفه العمائم السود من كل زاوية، يمكن ان يكون المكتب الاسلامي الشيعي. 

اشتاط السائق غضبا، صائحا: “مالفرق؟”…تدخلت في الحديث بهدوء قائلا: “يمكن ان ندفع خمسة ليرات زيادة ان نقلتنا الى هناك”…سكت السائق برهة ثم هز راسه بالموافقة. 

انطلقت السيارة الكحلية من جديد وبعد قرابة ربع الساعة كنا امام فيلا فخمة تحيط بها اشجار عالية من كل جانب ،كان منظر مهيبا رائعا، طرق صديقي نور الدين الباب بهدوء على همسات هدوء المكان، وليس الا لحظات لنجد انفسنا محاطين بخمسة رجال مدججين بالسلاح ،ملتحين عليهم صبغ الوقار…صباح الوجوه…قال احدهم“من انتم؟” ، قال نورالدين بصوت هادىء: أتينا لشراء بعض الكتب…قال أحدهم من اين اتيتم؟ قلت بصوت مرتجف انا ليبي، وهذا صديقي نور الدين سوري الجنسية،..

 قال أحدهم هلموا بالدخول! جلسنا في احد الغرف الجانبية ،وبدات قائمة أسئلة طويلة مكتوبة….الإجابة اخذت منا جهدا جهيد ،تصببنا عرقا عند الانتهاء منها..و جاء احد الرجال الخمسة ليستلم اجابتنا، وبعدها بخمس عشرة دقيقة قدمت لنا علب المياه الباردة….

وبعد ساعة من الوقت، دخل علينا شاب في الثلاثين من عمره ،طيب الهيئة، عليه سمات التقوى والصلاح، سلم على نور الدين بحرارة ،ثم تقدم مني معتذرا عن سوء الاستقبال، “لو اتينا عندكم في ليبيا لأحسنتم استقبالنا”…قال بصوت هادىء…ثم أضاف: “نحن في وضع استثنائي اعذرنا اخي علي..”….لا عليك اخي محمد ،قلت بصوت متقطع

ادخلونا في حجرة فسيحة ،وعدد من المجالس الوثيرة، مرتبة اعدت باحكام ،وصور حائطية طبيعية اعدت بجمال ودقة رائعة، ونسمات عنبر تحيط المكان، قلت مازحا لصديقي نور الدين كاننا في غرف الجنة الارضية ،تبسم نورالدين قائلا بصوت هادىء لم ارى مكان بهذا الجمال….وماهي إلا لحظات حتى دخل علينا رجل صبيح الوجه بحمرة وشديد البياض، متوسط الطول في الاربعينات من عمره ، في وجهه مهابة غير مبتذلة مع قوة بدن ظاهرة، ثوب شديد البياض اعد له بدقة بالغة…انتفضنا واقفين لوجاهته ،قال بصوت جهوري قوي وبدت فيه عينيه الزرقوين الممزوجة بخضرة خفيفة: “انا اخوكم زهير الشاويش”….

 ارتعشت فرائصنا وكدنا نسقط من شدة المفاجأة ،ثم قال: “عندما تدخل عرين الاسود لا تطلب خبزا ”…

الى ان نلتقي في الصفحة القادمة لكم تحياتى

Comments (1)
    • سرد ممتع ومشوق دكتور علي، في انتظار باقي الأحداث....

      Login or Join to comment.