·   ·  30 posts
  •  ·  7 friends
  • ا

    8 followers
  •  ·  Moderator

منصة "تجربتي" و الكتلة الحرجة

تحدثنا في منشور سابق تحت عنوان: (منصة "تجربتي" كما أراها ) عن أهداف المنصة، وأسباب إنشائها، وقلنا بأنها ستكون فضاء الكتروني مفتوح يستقطب ابناء وبنات ليبيا المهاجرين في جميع بلدان العالم باختلاف مشاربهم وثقافاتهم واماكن مهاجرهم وتخصصاتهم العلمية، وبأنها ستكون النافذة التي يطل منها الجميع للتعرف على خبرات وتجارب الليبيين المغتربين للاستفادة منها في دنياهم وآخرتهم .

كما ألمحنا أيضا إلى أن المنصة سيكون لها فرعان، فرع يهتم بتبادل الأفكار والتجارب المختلفة لليبيين المهاجرين، وفرع آخر - لا يقل - أهمية، وهو الفرع الخدمي "جوجل ليبيا" الذي يعمل كمحرك بحث لخدمة أبناء وبنات ليبيا في الداخل والخارج وتلبية احتياجاتهم وتساؤلاتهم المتنوعة على مدار الساعة.

ولا يفوتنا ان ننوه إلى ان "المنصة" لازالت تحت الانشاء والتطوير، ونتطلع جميعا لإستكمال دواليبها المختلفة لتتحرك متجهة نحو تحقيق غاياتها وأهدافها. ولكن لتحقيق غايات المنصة وأهدافها – في تصوري - عليها ان تتسلّح المنصة برافعة (leverage) تكون أداتها الصلبة في تطورها ونموها وتحركها الذاتي نحو النهوض والمعالي. هذه الرافعة يمكن لنا – مجازا- تمثيلها بالكتلة الحرجة في الفيزياء.

فالكتلة الحرجة (critical mass)، مصطلح فيزيائي نووي يعرّف على انه أقل كتلة كافية من مادة نووية معينة - اليورانيوم مثالا - التي يمكن ان يتم فيها تفاعلا انشطاريا متسلسلا دون توقف، وفي هذه الحالة يكون عدد النيوترونات داخل الكتلة الحرجة ثاتبا. وإذا تطلب التفاعل الانشطاري المتسلسل الدائم إلى تحفيز خارجي، فإن الكتلة هنا تسمى دون الحرجة، وإذا كان التفاعل يحدث ذاتيا دون الاستعانة بأي محفز خارجي، فالكتلة هنا تكون فوق الحرجة، وهي الحالة المطلوبة لايجاد حالة التفاعل التسلسلي الدائم المستمر.

وعليه يمكننا الاستعانة بمثال الكتلة الحرجة واهميتها في ذاتية التسلسل التفاعلي وديمومته، واسقاطه على تفاعل وديمومة منصة "تجربتي"، ولمَ لا!!. ولكن ما هي العوامل التي يجب توفرها لكي يتسنى للمنصة الوصول إلى الكتلة الحرجة المطلوبة لديمومتها وبقائها ذاتيا:

- أول هذه العوامل - في تقديري – هو ايجاد العدد الكافي من الليبيين المتخصصين واصحاب التجارب الرائدة في مجالات الحياة المختلفة ودعوتهم إلى الإنضمام للمنصة. بمعنى، لابد من توفر العدد المناسب الكافي ليحاكي (mimicking) عمل الكتلة الحرجة التي لا تحتاج إلى تحفيز خارجي، بل تعمل ذاتيا بعد وصولها إلى الكتلة العددية المطلوبة لتحريك دواليب المنصة.

-أما العامل الثاني فهو وجود الكفاءات المؤهلة في جميع التخصصات العلمية والأدبية في العلوم المختلفة التي بها تنهض الأمم والمجتمعات، وهذا العامل – ولله الحمد – متوفر بلا منازع في ابناء وبنات ليبيا المهاجرين.

- العامل الثالث، والمهم ايضا، فهو قدرة اعضاء المنصة الحاليين، و الاعضاء الجدد المتوقع انضمامهم مستقبلا - وخاصة من جيل الشباب-، في تفاعلهم مع ما يطرح من قضايا وأفكار ورؤى وخبرات متنوعة داخل أروقة المنصة المختلفة. فالتفاعل لا يحصل بالمشاهدة والقراءة أو بارسال اشارات الاعجاب فقط. فالمنصة تتطلع إلى التفاعل الفاعلي لأعضاءها الكرام، وذلك بالتأسيس على منهجية التفكير النقدي (critical thinking)، باعادة النظر فيما يطرح من مشاركات ومقالات متنوعة ومناقشتها واخضاعها لعمليات تدقيق ومراجعة، مع اعتماد سياسة تعزيز الأفكار والرؤى الواعدة التي تنشر عبر المنصة.

- أما العامل الرابع والأخير – في تقديري – هو الحفاظ على اتجاه البوصلة نحو الأهداف والغايات المرسومة للمنصة دون انحراف وتشتت، والعمل على تصويب ومراجعة آليات المنصة ودواليبها من حين لآخر. كل ما ذكر من عوامل مهمة في ايجاد الكتلة الحرجة للحفاظ على الديمومة والاستمرار التفاعلي يخص الشق الأول من فرع المنصة الخاص بالقضايا الفكرية والثقافية والعلمية والاخلاقية والأدبية والروحية، أي فرع " الأفكار والتجارب"، أما الفرع الآخر – وهو الخدمي "جوجل ليبيا" – فيتطلب أيضا فريق عمل مثابر يعمل كخلية نحل يوفر كل ما يحتاجه الليبيون أينما وجدوا. وهذا الشق يحتاج إلى جلسات عمل مكثفة للإعداد والتخطيط لهكذا عمل رائد - غير مسبوق - قبل الإعلان عن انطلاقه والاستفادة منه دون توقف. 

💓 2
Comments (0)
Login or Join to comment.