- · 8 friends
-
ا
- · Advanced Member
هل حقا "التشخيص" نصف "العلاج"؟
حضرت محاضرة عن طريق تطبيق زووم الالكتروني بعنوان "حول الذكاء الاصطناعي والاستعمالات الطبية"، بتاريخ 10 مارس 2021 الساعة السادسة مساء بتوقيت ليبيا، نظمها الدكتور ابراهيم الدغيس استاذ علم الفيروسات ـ جامعة طرابلس، وألقاها علينا الدكتور نورالدين السعداوي ـ دكتوراه في البرمجيات والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والتعليم العميق ـ جامعة برمنجهام ـ بريطانيا. في الحقيقة كانت المحاضرة غاية في الروعة من حيث التقديم والالقاء والمحتوى العلمي والمثابرة والجدية والروح العالية التي بدت على المحاضر. استهل المحاضر محاضرته باعطاء نبذه مختصرة عن تداخل العلوم والتخصصات العلمية المتنوعة في مجالات عدة، والاستعانة بالمنهجية العلمية عابرة التخصصات لمحاولة ايجاد حلول للأمراض المتنوعة التي عصفت بالناس والمجتمعات. وقد كانت جل الأمثلة التي استعان بها المحاضر تتجه غالبا نحو النجاحات التي حققتها آليات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات الضخمة وتحليلها في المساعدة للتعرف على الأمراض وتصنيفها من خلال الاستعانة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في اتخاذ قرارات سريعة ذات دقة عالية في التشخيص، كما ألمح إلى اتجاه البحث العلمي في العقود الاخيرة نحو محاكاة بيولوجيا الانسان، ومحاولة ايجاد نماذج اتخاذ قرار تساعد ايضا في توقع حدوث الامراض من عدمها وعلاجها ايضا. وبحكم تخصصي كباحث في مجال الجينوم والاورام واهتمامي وشغفي بكل ما ينتج عن البحث العلمي من افكار وابتكارات، حرصت على الاستماع والتفاعل مع المحاضرة بكل حواسي. بعدها فتح باب النقاش وكان لي مداخلة بسيطة تركزت حول التأكيد على قصور علم البيانات الضخمة، والمعلوماتية الحيوية، والذكاء الاصطناعي من محاكاة بيولوجيا الانسان المعقدة. هذا التعقيد البيولوجي للكائن الحي يتخطى حواجز ومجالات ادراكنا وتخيلنا بسنوات ضوئية، وأنه ـ وهذا ما أراه انه وإلى الآن ـ لا يمكن لنا سبر غور هذا التعقيد وفهم كنهه. وخلصت في المداخلة الى ان أنظمة الرعاية الصحية المعمول بها حاليا ومجال بحوث الطب الحيوي لا تواجه أزمة تشخيص للأمراض. فكثير من الأمراض تم تشخيصها قديما وحديثا، حتى قبل بروز ما يعرف الآن بتخصص الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، وخوارزميات تحليل البيانات الضخمة. النظام الصحي ـ حقيقة ـ يعاني من أزمة علاج الأمراض والقضاء عليها، كما يواجه أيضا أزمة منعها ابتداء قبل نشوءها واستفحالها. وضربت أمثلة كثيرة عن نجاح الأنظمة الصحية في تشخيص أمراض مزمنة عديدة كالسرطان، والسكري، وامراض القلب، والشيخوخة وغيرها التي تشكل العبء الأكبر من حيث المصاريف المالية والمجهودات الضخمة التي تبذلها الدول والحكومات للقضاء على هذه الأمراض. المحاضر تفاعل مع المداخلة بنوع ـ لا أقول عدم رضى وموافقة ـ بل بنوع من عدم الارتياح، وانطلق يشرح أكثر واكثر عن اهمية هذا النوع من العلوم، وان هناك محاولات بحثية يمكن عرضها في محاضرة اخرى عن نجاحات الذكاء الاصطناعي في علاج الأمراض لا يسع وقت المحاضرة لذكرها، لكنه ضرب أمثلة عن القضاء على بعض الامراض السارية، وانه مستعد ان يعطي محاضرة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في انتاج الادوية والعقاقير العلاجية ـ وضرب مثالا عن البحوث التي تتعرف على البروتينات وميكانيزميات تغيرها وتبدل شكلها الثلاثي وطيها في اشكال مختلفة، وان هذا المجال سيلعب دورا مهما في علاج الأمراض. على كل، ما لفت نظري هو مداخلة منظم ومدير اللقاء الدكتور ابراهيم عندما استعان بالمقولة المشهورة "التشخيص نصف العلاج"، وهنا جاء تساؤلى عن صحة هذه المقولة، وهل هي حقا صحيحة؟ وهل عندما نشخص مرضا ما، يعني اننا قطعنا نصف الشوط نحو التعرف على العلاج والاستعانة به؟ سؤال أطرحه عليك أخي القارئ لتدلوا برأيك في هذه المقولة المتداولة قديما وحديثا في العقل الجمعي للناس،،، وكلي آذان صاغية!!.
تحياتي
ملاحظة: يمكن الاستماع للمحاضرة في صفحة الدكتور ابراهيم الدغيس على الفيس بوك Ibrahim Eldaghayes