·   ·  8 posts
  •  ·  2 friends
  • 2 followers
  •  ·  Advanced Member

ولن يرضوا

رأينا ونرى الحملة الممنهجة التي تقودها الدول الغربية على ثقافتنا العربية والإسلامية والتي صارت علنا وبشكل فج وبدون حتى التجميل السياسي المعتاد وذلك خلال كأس العالم في قطر.

الغرب وبالرغم من التطور التقني وكذلك منظومة العدالة وحقوق الانسان والحريات العامة والتداول السلمي على السلطة والتي تعتبر للأسف افضل بكثير من مثيلاتها في دولنا العربية والإسلامية إلا أنهم ضيعوا البوصلة فيما يتعلق بالجانب الاجتماعي الإنساني وهو الأصل والأهم عند البشر.

البشر يقطنون هذه الأرض منذ عشرات آلاف السنيين ولم يكن لديهم سيارات ولا طائرات ولا موبايل ولا ساعات ذكية ولا كهرباء ولم يكونوا اقل سعادة ولا إنسانية من البشر اليوم.

بالعكس تماما، من عاشوا جزءا من حياتهم بعيدا عن هذه التكنولوجيا لا زالوا يحنون لتلك الأيام حيث كانت العلاقات الإنسانية اكثر دفئا ومودة منها اليوم. البشر هم البشر، فكما قتل أحد أبناء آدم عليه السلام أخاه بسبب الحقد والغل نجد اليوم وبالرغم من التقدم المعرفي الهائل أن الانسان لايزال يقتل أخاه ويسحقه بل وصار يهدد بتفجير كل الأرض بأسلحة الدمار الشامل.

نعم فالغرب المتطور تقنيا قد ضيع البوصلة وبالغ في جانب الحريات الشخصية والعامة حتى صار الأصل أن كل إنسان يستطيع أن يفعل وأن يقول ما شاء (إلا فيما يتعلق بما يسمى إسرائيل) وأن يجاهر به مادام لا يعتدي بشكل مباشر على حرية أحد.

ولأن الغالبية لا يهتمون بحالهم بعد الموت فصار الأصل في منهجهم الاستمتاع بالدنيا بالحد الأقصى وبدؤوا في وضع قوانيين تقنن ذلك وصار الانسان هو الإله الذي يحلل ويحرم.

والإنسان الذي يحلل ويحرم سوف يتبع هواه وما يشتهي وينحاز الى الجانب الغريزي في شهواته. ولقد جُبل الانسان على الملل من الروتين ولو كان في هذا الروتين كل أصناف المتع الحلال والحرام ولهذا يجنح الانسان الى كسر المألوف والمعتاد.

ولأن هذه الأفعال هي مضادة للفطرة السليمة التي زرعها الله في كل نفس بشرية فصاروا يشعرون بالغيظ والحقد على كل من يرفع راية الفضيلة والأخلاق والقيم الإنسانية والتوازن بين متطلبات الغرائز والروح.

الفاسد يتمنى أن يرى كل الناس مثله حتى لا يشعر بالذل والانحطاط ولو بينه وبين نفسه. وأكبر عائق لهم الذي لم ولن يستطيعوا إزاحته ولا تشويهه هو دين الإسلام ومن يؤمن به.

والسبب الرئيسي أن دستور الإسلام ومرجعيته هو القرآن الكريم والسنة المطهرة وهذان المصدران ثابتان يستحيل عليهم طمسهما.

خلال القرون الأخيرة تم غزو المنطقة عسكريا وثقافيا وتم التخطيط لمئات المؤامرات وتنصيب عملاء لهم وبث مئات الكتب ومئات الأفلام وزرع مئات المشككيين والعلمانيين والملحديين وإعطائهم منابر إعلامية ورفع مكانتهم بين الناس وفي نفس تشويه الدعاة والمصلحين والعلماء وتصيد سقطاتهم وأخطائهم وتنشيط أو زرع الفتن فيما بينهم وذلك لتكريه الناس في دينهم ودُفعت في سبيل ذلك مئات المليارات ولكن لم يكن ذلك ليزيد الإسلام إلا نصوعا وتألقا وعامة المسلمين إلا تمسكا واعتزازا بدينهم. نعم قد ينجحون مع افراد ولكن الاساس دائما حصين مادام في الأمة دعاة مخلصون.

الغرب لا يرى فيك ليبياً ولا مصريا ولا عراقيا ولا حتى عربيا او كرديا ولا باكستانيا او تركيا هو يرى فيك مسلما وهنا مكمن الخطر.

لولا الإسلام لتم دعم الشرق الأوسط ليكون أكثر بقعة تقدما في العالم، هذه المنطقة تتوسط العالم ويوجد بها اكثر من ثلث ما تحتويه الكرة الأرضية من مصادر الطاقة ولديها طاقة بشرية وهي ارض خصبة للتصنيع والتقنية والتطور. ولكن لماذا يتم محاربتها والاستمرار في طمسها بكل جهد، لأن بيننا وبينهم ثأر تاريخي منذ 1400 سنة ولن ينتهي الى قيام الساعة.

هم يتفوقون علينا ربما بمئات السنيين من حيث التقنية والتطور العلمي والمعرفي وفي المقابل نحن نتطور عليهم وبنفس المسافة أو أكثر في الجوانب الروحية والاجتماعية بالرغم كل الخلل الموجود في مجتماعاتنا اليوم.

مثال واضح آخر، لو كانت تركيا دولة مسيحية مثل اليونان لكانت الان اكبر دولة في الاتحاد الأوروبي ولكانت اضعاف قوتها الحالية اقتصاديا وعسكريا. بالرغم أن تركيا في حلف الناتو لجغرافيتها المميزة الا أنها ممنوعة من دخول الاتحاد الأوروبي بل ويتم التضييق على اقتصادها والسبب هو الإسلام.

لدى الغرب في أدبياتهم انهم لا يجب الاغترار بحيود أي مجتمع مسلم عن دينه ولو الحد وحاد كل الشعب فبذرة الإسلام مادامت موجودة في مجتمع ما فسوف تنمو يوما ما مع جيل آخر.

ولهذا لن يرضوا عنا أبدا ونحن لا نبحث عن رضاهم ولا يهمنا ذلك. بل عدم رضاهم عنا دليل على صحة المسار. الاصل هو ان نبني علاقات متوازنة مبنية على التعاون في الخير والاحترام المتبادل ولن ننسى سنة التدافع في الأرض.

💓 1
Comments (3)
    • الله يفتح عليك دكتور محمد. المصيبة انه حتى هنا في الغرب ونحن نعيش بين ظهرانيهم هناك فئة كبيرة ترفض هذا الخروج عن الفطرة والسنة، بينما للأسف في بعض البلاد التي يدين جل أهلها بدين الفطرة هناك من يسعى لتطبيع اللافطري. دولنا كذلك تحتاج إلى تمحيص أخلاقي وتقويم مسارات. الله المستعان!

      • 💓 2
      • مقال جميل ومن قلب الواقع العالمي المرير " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ..."

        " قل هدى الله هو الهدى ...."

        يوما ما سيعرف العالم من نحن ، عندما نقدم الصورة المشرقة لهذا الدين الحنيف ، راجع كتاب الاستاذ الندوي رحمه الله تعالى ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين

        • 💓 4
        • نعم العالم يمر بمرحلة انحدار اخلاقي والاعلام يلعب الدور الاهم

          • 1
          Login or Join to comment.