- · 7 friends
-
ا
- · Advanced Member
اقتصاد العافية - Wellness Economy
يعرّف اقتصاد العافية (Wellness economy) على أنه الصناعات والمنتجات التي تمكّن المستهلك أو المستخدم (أفرادا، وجماعات) من دمج وتبني خيارات وسلوكيات وانشطة عافيوية (صحية) في نمط حياتهم اليومي. وطبقا لمعهد العافية العالمي (Global wellness institute)، تنقسم صناعة العافية إلى احدى عشر قطاعا متنوعا ومتعددا، تسمى قطاعات صناعة العافية (Wellness industry)، وهي على النحو التالي: 1) قطاع العقارات الصحية، 2) قطاع الأنشطة البدنية، 3) قطاع الأكل الصحي والتغذية ومكافحة السمنة، 4) قطاع الصحة العقلية، 5) قطاع العافية المكانية - المهنية، 6) قطاع الطب التقليدي والتكميلي، 7) قطاع الصحة العامة والوقاية والطب الشخصي، 8) قطاع العناية الشخصية والجمالية، 9) قطاع سياحة الاستشفاء، 10) قطاع المنتجعات الصحية، وأخيرا 11) قطاع الينابيع الحرارية/المعدنية. أيضا، وطبقا للتقارير الدورية والسنوية لمعهد العافية، وصل الحجم السوقي لاقتصاد العافية العالمي إلى رقم قياسي بلغ 5.6 تريليون دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي قوي يبلغ 8.6%، ليصل إلى حوالي 8.5 تريليون دولار بحلول عام 2028، ويصبح أهم احد اقتصادات العالم بجانب الاقتصادات الاخرى كاقتصاد التكنولوجيا، والطاقة، والتعليم، والمواصلات وغيرها. هذا النمو يعكس الاهتمام المتزايد بالعافية كقيمة أساسية في حياة المستهلكين، حيث يسعى الأفراد إلى تحسين جودة حياتهم من خلال ممارسات مثل التغذية الصحية، النشاط البدني، التقليل من التوتر، وغيرها من الأساليب التي تعزز الصحة والعافية.
في هذه المقالة سنقوم بالتعرف وباختصار على كل قطاع من قطاعات اقتصاد العافية على حدة، ونتطرق إلى اهميته في ترسيخ العافية. لكن قبل البدء يجب التعريج والتأكيد على بعض المفاهيم والمعاني في قطاع صناعة العافية الحادية العشر المذكورة أعلاه. من هذه المفاهيم أن هذا التقسيم لقطاعات صناعة العافية تتبناه وتعتمده المؤسسات والمعاهد العاملة في هذا الحقل، وهي مؤسسات غربية تنطلق من مفهوم غربي لتعريف الصحة والعافية، وعلى رأسهم معهد العافية العالمي (global wellness institute)، وعليه فالمقال يتحدث من وجهة نظر المدرسة الغربية، وهل هذه القطاعات المذكورة أعلاه محسوبة على العافية أم فيها ما هو مختلط بأنظمة الرعاية الصحية ودورها في تشخيص وعلاج الأمراض؟ وبالتالي يمكن اسقاطه من القائمة. سننتطرق إلى هذه النقطة في خاتمة المقال.
في البداية دعونا نتعرف على هذه القطاعات الاحدى عشر، ونقدم كل قطاع على حده، مستهّلين الحديث عن أول قطاع العقارات الصحية: فقطاع العقارات الصحية يشير إلى مجموعة من العقارات التي تم تصميمها أو تطويرها خصيصا لدعم وتعزيز الصحة والعافية، وهو يشكّل من حجم السوق العالمي ما يعادل 398 بليون دولار من اجمالي اقتصاد العافية الكلي المساوي لـ 5.6 تريليون دولار لعام 2022. هذا النوع من العقارات يشمل المرافق و المساكن التي تشجع على نمط حياة صحي، مثل المجمعات السكنية التي توفر مساحات للياقة البدنية والتغذية السليمة والرفاه النفسي. ومن أهمية هذا القطاع توفير بيئات تدعم الصحة الجيدة التي من خلالها يمكن من تقليل بعض الأمراض المزمنة، ويحسّن جودة الحياة للأفراد. فهي عقارات ومرافق مصمّمة تصميما دقيقا للتشجع على النشاط البدني وتقديم خيارات غذائية صحية يمكن أن تساهم في تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. كما تلعب دورا في البيئات التي توفر مساحات خضراء وفرص للتواصل الاجتماعي التي يمكن لها أن تحسن الصحة النفسية وتقلل من التوتر. ومن أمثلة قطاع العقارات الصحية هو المجمعات السكنية المصممة لكبار السن حيث تُوفر هذه المجمعات خدمات متخصصة لكبار السن مثل الرعاية الصحية على مدار الساعة، والأنشطة التي تحافظ على اللياقة البدنية والذهنية لهم. والأمثلة أيضا تشمل مراكز اللياقة البدنية والسباحة التي تشجع على الحفاظ على نمط حياة صحي من خلال تقديم خدمات اللياقة البدنية. فبشكل عام، تلعب العقارات والمرافق الصحية دورا مهما في تعزيز العافية بين الأفراد والمجتمعات من خلال توفير البنى التحتية اللازمة لدعم الصحة الجسدية والنفسية.
أما ثاني قطاع، فهو قطاع الأنشطة البدنية، ويشكل حجم سوق يقدر بـ 976 بليون دولار من الحجم الكلي لاقتصاد العافية، وهو قطاع صناعي يشير إلى مجموعة الخدمات والمرافق التي تهدف إلى تعزيز الصحة الجسدية من خلال التمرينات والأنشطة البدنية المنظمة. هذا القطاع يشمل كل النوادي الرياضية وصالات الألعاب الرياضية شاملة اللياقة البدنية والأنشطة الرياضية الجماعية. وتكمن أهمية هذا القطاع في أن الانخراط في الأنشطة البدنية بانتظام يساعد على تعزيز الصحة الجسدية ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب. كما يسهم النشاط البدني في تقليل التوتر، والقلق، والاكتئاب، ويعزز من الشعور بالراحة والسعادة. بالإضافة إلى أن هذه الأنشطة البدنية غالبا ما تكون جماعية، مما يوفر فرصة للتواصل الاجتماعي وبناء علاقات جديدة بين أفراد المجتمع الرياضي، مما يعزز من دعم شبكات التواصل الاجتماعي. كم يشمل هذا القطاع ايضا برامج اليوغا والبيلاتس ورياضة الزومبا، التي تركز على تحسين المرونة، القوة، والتوازن، بالإضافة إلى التأمل والاسترخاء. ومنها أيضا مراكز الرياضات المائية التي توفر أنشطة مثل السباحة، الغوص، والأيروبيك المائي، والتي تعد مفيدة للصحة ومناسبة للأعمار والقدرات المختلفة. كما تشمل ايضا مسارات ومناطق الركض ومسارات المشي في المناطق المفتوحة داخل الأحياء والمدن التي تشجع على ممارسة الركض والمشي، مما يسهل الوصول إلى النشاط البدني المنتظم في بيئة طبيعية.
أما القطاع الصناعي الثالث للصحة والعافية، فهو سوق الغذاء الصحي، والاغذية والمشروبات، وعلاج السمنة. فتم تقييم سوق الغذاء الصحي العالمي بحوالي 939.9 مليار دولار في عام 2022 ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 1.4 تريليون دولار بحلول عام 2027، مع نمو بمعدل سنوي مركب يبلغ حوالي 8.5%، هذا بالاضافة إلى سوق الاغذية والمشروبات الذي يقدر بقيمة 105.3 مليار دولار في عام 2022 ومن المتوقع أن ينمو إلى 320.7 مليار دولار بحلول عام 2032، مما يشير إلى معدل نمو سنوي مركب قوي يبلغ 12.1%. يقدم السوق الطلب المتزايد للمستهلكين على بدائل السكر والدهون، والتغذية الرياضية، والمنتجات التي تدعم الصحة واللياقة البدنية. كما يقدر حجم سوق مكافحة السمنة عالميا بقيمة 153.85 مليار دولار في عام 2023 ومن المتوقع أن يتوسع إلى 298.66 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 9.94% خلال هذه الفترة. كما تم تقييم سوق فقدان الوزن وإدارته، وهو جزء من السوق الأوسع، بحوالي 224.27 مليار دولار في عام 2021 ومن المتوقع أن ينمو إلى 405.4 مليار دولار بحلول عام 2030. تسلط هذه الأرقام الضوء على الاهتمام القوي والمتزايد بحلول ومعالجات إدارة الوزن، مما يعكس كل من الحاجة المتزايدة وفرص السوق المتوسعة عبر مختلف المناطق وأنواع المنتجات.
القطاع الصناعي الرابع مخصص للعافية النفسية والروحية والعقلية للأفراد، حيث يشهد سوق العافية النفسية والعقلية عالميا نموا كبيرا. ففي عام 2023، تم تقدير قيمة السوق بحوالي 160.3 مليار دولار ومن المتوقع أن تصل إلى 215.8 مليار دولار بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 7.7%، حيث يتم تحفيز هذا النمو بزيادة الوعي بالقضايا الصحية النفسية وتطوير علاجات وتقنيات جديدة. ويشمل السوق مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك الاستشارات، العلاج الجماعي، الإشراف الطبي، والعلاجات التكميلية مثل التأمل واليوغا. كما يوجد تركيز ملحوظ على الابتكارات مثل برمجيات العافية النفسية والعقلية، التي تلعب دورا حاسما في توفير حلول صحية نفسية ميسورة الوصول. تتصدر أمريكا الشمالية السوق حاليا، بفضل بنيتها التحتية الصحية المتقدمة والوعي المرتفع بالصحة النفسية. وفي الوقت نفسه، تُعرف منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأنها السوق الأسرع نموا، مدفوعة بزيادة الوعي الصحي وتحسينات في البنية التحتية للرعاية الصحية. ومن المهم الإشارة هنا إلى الدور الحيوي الذي تعلبه تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع بالخصوص. حيث تساهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في زيادة حجم سوق العافية النفسية العالمية. فمن المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة النفسية والعقلية بشكل سريع، حيث من المتوقع أن يتوسع من 912.67 مليون دولار في عام 2023 إلى حوالي 18.99 مليار دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 35.46% خلال فترة التوقع. بحيث يدفع هذا النمو إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تطبيقات الصحة العقلية المختلفة، مثل الرعاية الصحية العقلية الشخصية من خلال التدخلات الرقمية وتطبيقات الهواتف الذكية، التي تعزز تجربة المستخدم وعلاج المرضى. فتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم الآلي ومعالجة اللغات الطبيعية تتم اعتمادها بشكل متزايد في خدمات العافية النفسية والعقلية. فتمكن هذه التقنيات من إنشاء روبوتات الدردشة، والمعالجين الافتراضيين المدعومين بالذكاء الاصطناعي، والتي يمكن أن تقدم الدعم، واستراتيجيات التأقلم، والتدخلات العلاجية النفسية المختلفة.
قطاع العافية المكانية – المهنية، هو القطاع الخامس للعافية، متضمنا برامج العافية المؤسسية الحكومية والخاصة، حيث يشهد نموا ملحوظا على المستوى العالمي. ففي عام 2022، تم تقدير قيمة السوق بحوالي 55.1 مليار دولار ومن المتوقع أن تصل إلى حوالي 74.9 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.47% من 2023 إلى 2030. ويشمل قطاع العافية المهنية أنواعا من الخدمات المتعددة مثل اللياقة البدنية، وتقييم المخاطر الصحية لأماكن العمل، التغذية الصحية، إدارة الوزن، إدارة الإجهاد، فحوصات الصحة، والإقلاع عن التدخين. ويعتبر قطاع تقييم المخاطر الصحية داخل اماكن العمل هو أكبر قطاع داخل هذا السوق، بسبب تطبيقه الواسع من قبل أصحاب العمل لتحديد وتخفيف المخاطر الصحية بين الموظفين. بالإضافة إلى ذلك، يكتسب قطاع إدارة الإجهاد أهمية، ومن المتوقع أن ينمو بسرعة بسبب زيادة الضغوط المرتبطة بالعمل بين الموظفين، فيتم دفع سوق العافية المؤسسية بشكل كبير بسبب الحاجة لمساحات العمل لدعم الصحة البدنية والعقلية للموظفين. تشمل البرامج عادة أنشطة مثل الفحوصات لاكتشاف المشكلات الصحية مبكرا، والتدخلات الموجهة لتعزيز أنماط الحياة الصحية للموظفين حسب دورهم في المؤسسة واماكن تواجدهم اليومي. ونظرا لارتفاع انتشار الأمراض المزمنة والمخاوف الصحية العقلية، أصبحت هذه البرامج ضرورية للحفاظ على صحة وإنتاجية الموظفين.
أما القطاع السادس - قطاع الطب التقليدي والتكميلي - فيشمل النفقات على نظم وخدمات ومنتجات طبية ورعاية صحية متنوعة ليست جزء من الطب الحديث السائد اليوم. حيث يشمل هذا القطاع ممارسات متنوعة مثل الطب الصيني التقليدي، الأيورفيدا، العلاج بالطاقة، العلاجات العشبية، المكملات الغذائية، والعلاج الطبيعي. تعتمد هذه النظم على القيم الروحية والعقلية والجسدية، وتستخدم تقنيات وأساليب مختلفة عن الطب الغربي الحديث. قُدّر حجم قطاع الطب التقليدي والتكميلي في الاقتصاد العالمي للعافية بحوالي 519 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ، ومن المتوقع أن يصل إلى 768 مليار دولار بحلول عام 2027. فالقطاع يُظهر نموا قويا في السنوات الأخيرة. حيث بلغ معدل النمو السنوي لهذا القطاع 7.4% خلال الفترة من 2020 إلى 2022، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي قدره 8.2% من عام 2022 حتى عام 2027. هذا النمو يعود إلى زيادة الطلب على العلاجات البديلة والطرق الصحية لتعزيز المناعة وإدارة الحالات المزمنة، خاصة بعد جائحة كوفيد-19. يشكل هذا القطاع جزء مهما من الاقتصاد الكلي للعافية، كما يساهم هذا القطاع في تعزيز الصحة العامة والرفاهية من خلال تقديم بدائل علاجية متنوعة ومتكاملة
القطاع السابع،، يتضمن قطاع الصحة العامة والوقاية والطب الشخصي، ويسمى ايضا بالطب الدقيق. فقطاع الصحة العامة والوقاية يشمل الأنشطة والخدمات المصممة للوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة العامة. يتضمن ذلك اللقاحات، الفحوصات الصحية، التثقيف الصحي، وبرامج الوقاية، و حسب التقديرات السابقة، فسوق الصحة العامة والوقاية يقدر بحوالي 240 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب يقارب 9-10%. اما قطاع الطب الشخصي فهو المجال الذي يقدم خدمة رعاية صحية مخصصة بناء على الخصائص الجينية الفردية لكل شخص، ويعتمد على تقنيات مثل الجينوميات والبروتيوميات والميتابولوميات. ففي عام 2022، قدّر سوق الطب الشخصي بحوالي 450 مليار دولار أمريكي، مع توقعات بنمو سنوي مركب يقارب 11-12%.
القطاع الصناعي الثامن، هو قطاع العناية الشخصية والجمالية، و يعتبر حجمه كبيرا وينمو بشكل مطرد. وفقا لتقرير معهد العافية العالمي لعام 2020، يعتبر هذا القطاع جزء رئيسيا من صناعة العافية العالمية. ويقدر حجم السوق في عام 2020، بحوالي 955 مليار دولار أمريكي، ويشمل هذا القطاع منتجات العناية بالبشرة، منتجات العناية بالشعر، مستحضرات التجميل، العناية بالفم، والعطور. ومن المتوقع أن ينمو هذا القطاع بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 5-6% على مدى السنوات القليلة القادمة، مدفوعا بزيادة الوعي بالجمال والعناية الشخصية، والتحسينات المستمرة في المنتجات، والتوسع في الأسواق الناشئة.
القطاع الصناعي التاسع، هو سياحة الاستشفاء، والمعروفة أيضا بالسياحة الصحية أو السياحة العلاجية، هي نوع من السياحة التي يتوجه فيها الأفراد إلى وجهات معينة لتلقي علاجات صحية أو للاستمتاع ببيئات تساعد على الشفاء والاسترخاء. تشمل هذه السياحة زيارة الينابيع المعدنية، المنتجعات الصحية (السبا)، المراكز الطبية المتخصصة، والمواقع الطبيعية التي تقدم فوائد صحية. من الأنشطة الشائعة في سياحة الاستشفاء تشمل: العلاجات بالمياه المعدنية: مثل الحمامات الساخنة، الحمامات الطينية، والعلاج بالمياه المالحة. العلاجات الطبيعية: مثل العلاج بالطين، العلاج بالطحالب، والعلاج بالرمال. والمنتجعات الصحية: التي تقدم علاجات تجميلية، علاجات للاسترخاء، والعلاجات البديلة مثل الوخز بالإبر والتدليك. البرامج الصحية: التي تشمل برامج إزالة السموم، برامج اللياقة البدنية، وبرامج فقدان الوزن. ويقدر حجم سوق سياحة الاستشفاء على مستوى العالم بحوالي 639 مليار دولار أمريكي في عام 2017، ومن المتوقع أن يستمر في النمو بمعدل سنوي مركب يقارب 7.5% ليصل إلى حوالي 919 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022. هذا النمو مدفوع بزيادة الوعي بأهمية الصحة والعافية، وتحسين المرافق الصحية في الوجهات السياحية، وزيادة الطلب على العلاجات الطبيعية والبديلة. كما تتضمن العوامل التي تسهم في نمو سوق سياحة الاستشفاء زيادة الوعي بالصحة والعافية من خلال الانخراط في العلاجات الطبيعية والوقائية. بالاضافة إلى تحسن البنية التحتية للسياحة الصحية مقارنة بالعقود الماضية، وأيضا زيادة الاهتمام بالعلاجات البديلة والتكميلية مثل العلاج بالوخز بالإبر، والعلاج باليوغا، والعلاج بالتدليك. ومن العوامل المهمة ايضا في نمو هذا القطاع الصناعي هو ارتفاع مستويات الدخل مما يسمح للأفراد بإنفاق المزيد على السفر والعلاجات الصحية.
القطاع العاشر، قطاع المنتجعات الصحية. فحسب تقرير معهد العافية العالمي لعام 2020، يُقدر الحجم العالمي لسوق قطاع المنتجعات الصحية (Spa Industry) بحوالي 119 مليار دولار أمريكي في عام 2017. ومن المتوقع أن يستمر هذا السوق في النمو بمعدل سنوي مركب يقارب 9.9% ليصل إلى حوالي 154.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022. ومن عوامل نمو سوق المنتجعات الصحية: هو زيادة اهتمام الأفراد بالعناية بصحتهم الجسدية والعقلية، مما يعزز الطلب على خدمات المنتجعات الصحية، تزايد عدد السكان المتقدمين في السن (المُسنّين)، بالإضافة إلى زيادة الوعي الصحي بين الفئات العمرية الأصغر. كما يساهم في نمو السوق، تقديم خدمات جديدة ومتنوعة مثل العلاجات التكميلية والبديلة، والعلاجات التجميلية، وبرامج اللياقة البدنية، ارتفاع مستويات الدخل بالعموم، مما يتيح للأفراد إنفاق المزيد على السفر والعلاجات الصحية الفاخرة، وكذلك تزايد الطلب على العلاجات الطبيعية والخدمات الوقائية مثل العلاج بالمياه المعدنية، العلاج بالطين، والتدليك. أما القطاعات الفرعية لسوق المنتجعات الصحية فتشمل: المنتجعات الصحية النهارية (Day Spas) التي تقدم خدمات قصيرة الأمد مثل التدليك، وعلاجات البشرة، وخدمات التجميل، المنتجعات الصحية الشاملة (Destination Spas)، التي تقدم برامج شاملة للعافية تتضمن الإقامة، والتغذية الصحية، وبرامج اللياقة البدنية، المنتجعات الصحية الفندقية (Hotel/Resort Spas) الموجودة داخل الفنادق والمنتجعات السياحية وتقدم مجموعة متنوعة من الخدمات الصحية والعلاجية، بالاضافة للمنتجعات الصحية الطبية (Medical Spas)**: التي تجمع بين العلاجات الطبية التقليدية وخدمات المنتجعات الصحية،
وأخيرا قطاع الينابيع الحرارية/المعدنية – القطاع الحادي عشر، فحسب تقرير معهد العافية العالمي لعام 2023، فقد بلغ حجم سوق الينابيع الحرارية/المعدنية العالمي حوالي 46.3 مليار دولار أمريكي في عام 2022، مع توقعات بنمو سنوي بنسبة 14.3% ليصل إلى 90.5 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027. الا ان هذ القطاع تعرض لضربة كبيرة خلال جائحة كوفيد-19، حيث انخفضت الإيرادات من 65.7 مليار دولار في عام 2019 إلى 40 مليار دولار في عام 2020، ولكنه بدأ بالتعافي في السنوات اللاحقة. يتركز قطاع الينابيع الحرارية/المعدنية بشكل كبير في مناطق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا، حيث تمثل هاتان المنطقتان 94% من الإيرادات، و93% من المنشآت في هذا القطاع. ففي عام 2022، كان هناك حوالي 31,290 منشأة لليابيع الحرارية/المعدنية تعمل في 130 دولة حول العالم. من المتوقع أن يتجاوز القطاع مستواه قبل الجائحة بحلول عام 2024، مدعوما بالطلب المتزايد على تجارب الاستجمام والعلاج الطبيعي.
هذا باختصار شديد الشبكة الديناميكية لاقتصاد العافية وصناعتها، والقطاعات التي يرتكز عليها، و التي بدأت تنتشر ببطء في الاوساط العلمية والاعلامية خلال العقدين الاخيرين. فمصطلح اقتصاد العافية وصناعتها يعتبر مصطلحا جديدا مقارنة بالاقتصادات الاخرى، إلا أنه ونظرا لعجز، وربما لفشل المنظومات الصحية الحالية في القضاء على الامراض المزمنة – تحديدا - التي ارهقت كاهل ميزانيات الدول ووزارات الصحة فيها، بما فيها العالم المتحضر والمتقدم تقنيا، بدأ الاتجاه والوعي العالمي – حتى وان كان حاليا في نطاق محدود – نحو التعرف على العافية وترسيخ مفاهيمها وسياقاتها وآلياتها من أجل تعزيزها والحفاظ عليها بوسائل متنوعة ومتعددة تلامس أغلب قطاعات الاقتصادات العالمية المعتبرة اليوم.
ولكن قبل ان اختم المقالة، لابد لنا من التعريج على بعض المفاهيم والملاحظات التي ارتأيت انها ضرورية في توضيح الصورة العامة والكلية لصناعة العافية واقتصادها. أول هذه الملاحظات ان اقتصاد العافية المعتمد اليوم استبعد اهمية دور العبادة مثل الكنائس والمعابد الاخرى كمرافق تعزز العافية النفسيية والروحية (وهنا استبعدت ذكر المساجد على اعتبار ان التقارير تعبر عن وجهة نظر المدرسة الغربية غير المسلمة). فاقتصاد العافية المعتمد حاليا، كأنه يقر بأن المؤسسات الدينية ليس لها دور في تعزيز العافية الفردية والمجتمعية. بمعنى التقارير لم تلتفت إلى دور الدين في تعزيز العافية الروحية والنفسية والاجتماعية. وعليه فارقام حجم السوق العالمي للعافية لا يتضمن هذه الارقام، على اعتبار ان هذه المرافق لا تعنيها أو لم تدرج تحت ممكنات العافية الروحية والنفسية.
أما الملاحظة الثانية فدعونا نتفق على ان القطاعات الاحدى عشر لاقتصاد العافية وصناعتها - في تصوري وبنظرة فاحصة - لم تفرق بين دور انظمة الرعاية الصحية المشتغلة بالامراض، وبين ادوات تعزيز العافية بعيدا عن اقبية وممرات العيادات والمستشفيات التخصصية المتنوعة. وهذا في رأي أمر يخل من اعتماد هذا التقسيم كعاكس لاقتصاد العافية وقطاعاتها المختلفة. وعليه، يجب التفريق بين البرامج والادوات والانظمة واللوائح المعتمدة في انظمة الرعاية الصحية في تشخيص الامراض وعلاجها - بما فيها توقعها والعمل على منعها، ومراقبتها وتتبعها مستقبلا – وبين برامج تعزيز العافية والمحافظة عليها. فبوصلة وجوهر انظمة الرعاية الصحية هو "المرض" بينما بوصلة وبرامج تمكين العافية وتعزيزها هو "العافية" فقط، شاملا كل اوجه العافية. والفرق بين الاتجاهين مختلفين تماما، على الرغم من احتمالية ان يتم بينهما تقاطعات هنا أو هناك، وباشكال غير منظورة .
أما الملاحظة الأخيرة، فهي وجود تكرار في بعض قطاعات صناعة العافية، والتي من الممكن دمجها في قطاع صناعي واحد، مع حذف بعض القطاعات المشتغلة في قطاع انظمة الرعاية الصحية – الطب الشخصي القطاع الصناعي السابع مثال – ليتم اعادة هيكلة قطاع صناعة العافية ليكون اكثر دقة وتعبيرا، ويترتب عليه اعادة حساب حجم السوق العالمي للعافية.
واختم بسؤال جوهري – في تصوري – يحتاج إلى حلقات نقاش معمقة الا وهو: هل العافية تصنع؟ أم انها تلوثت بالسياق الصناعي المادي المتأثر بالثورة الصناعية المبني على الربح والخسارة.
على العموم، لمعرفة المزيد عن التقارير الدورية والسنوية لاقتصاد العافية العالمي بالمجمل، أو اقتصاديات وصناعات العافية لكل دولة على حدة، يمكن الاطلاع على الرابط التالي، والبحث حسب تاريخ اطلاق التقرير، أو المنطقة التي يغطيها، أو قطاع العافية المستهدف.
https://globalwellnessinstitute.org/industry-research/featured-reports/
تحياتي.
-
يعطيك العافية يا افتوحه،، هي محاولة بسيطة لتسليط الضوء على قطاع صناعي بدأ يرى النور في العقدين الأخيرين. ولا زال موضوع اقتصاد العافية حديث النخبة،، ويحاول ان ينتشر في الاوساط العامة لزيادة الوعي به
-
-
-
كذلك يوجد جبل مابين هون وسوكنة يسمى جبل قارة عافية وعنده حدثت معركة شهيرة 1928 تسمى معركة عافية … حيث غار المجاهدين الليبيين على الطليان عند ذلك الجبل واستشهد من استشهد ونجى من نحى … الذين نجوا اغلبهم هاجروا ولم يستطيعوا الرجوع لبلدتهم … جدي الصغير حاج ميلاد كان احد الناجيين وهاجر إلى تشاد وترك الوالد واخوته صغار … على اثر تلك المعركة قام الطليان بشنق 19 من خيرة شيوخ ورجال هون …
هذا بمناسبة العافية دخلنا في التاريخ!!
-
-
- · Milad El-Segaier
- ·
-
- · فتحي إدريس
- ·
-
حشاك يا افتوحه من الغباء،، انت استاذنا ومعلمنا، العافية - في تصوري - هي مفهوم شامل وأوسع يتضمن الصحة والسلامة معا، وتركز على تحقيق توازن متكامل في جميع جوانب الحياة (الجسد - الروح - النفس - العاطفة - الاخلاق- البيئة- المجتمع - الاقتصاد- الخ). في المقابل، تركز الصحة بشكل رئيسي على الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية للفرد، وتكون غالبا مرتبطة بالوقاية من الأمراض وعلاجها ( على فكرة: ذكرت العافية اكثر من الصحة في احاديث النبي محمد صل الله عليه وسلم). أما السلامة، فتهتم بالحماية من المخاطر المحتملة التي قد تسبب الأذى الجسدي أو النفسي، وتشمل ضمان بيئات عمل ومعيشة آمنة. وهذه المصطلحات قد تتداخل في الاستخدام اليومي، ويصعب التفريق بينهما، لكن كمصطلحات لغوية، فإن لكل منها تعريفا ونطاقا مميزا يحددها عن الأخرى، ولكن في اللغة الدارجة يصعب احيانا التفريق بينهم.