·   ·  33 posts
  •  ·  8 friends
  • ا

    10 followers
  •  ·  Advanced Member

الجينوم أم الإكسبوزوم: أين يكمن الحل لعلاج الأمراض المزمنة؟ Genome or Exposome: Where Lies the Solution in Treating Chronic Diseases?

جديد

لا ينكر أحدنا بأنّ البشرية شهدت تطوّرا هائلا - غير مسبوق - في الإنتاج المعرفي المتنوع والزاخر في القرنين الماضيين في جميع مجالات الحياة (الأدبية والعلمية)، كما ازدادت وتيرة الإنتاج المعرفي في العقود الأخيرة نظرا للثورة الرقمية وشبكات التواصل التي قادتها الحواسيب والإنترنت. ومن أهم المجالات التي قطعت شوطا كبيرا في البحث والتطوير والابتكار هو قطاع علوم الحياة والطب الحيوي، كحدائق خلفية لتطوير أنظمة الرعاية الصحيّة، التي بدورها تعمل كواجهات أمامية مهمتها الرئيسة تشخيص الأمراض وعلاجها ومكافحتها.

وبتفكيك عنوان المقالة، يمكن الوقوف على الكلمات المفتاحية التالية: الجينوم، الإكسبوزوم، الأمراض المزمنة، والسؤال المطروح في سياقهن: أين الحل؟ والمقصود بالحل هو إيجاد علاجات ناجعة للتخفيف من، أو القضاء على الأمراض المزمنة التي أرهقت كاهل الأمم والمجتمعات صحيا، واقتصاديا، وتنمويا. صحيا متمثّلة في مساهمة الأمراض المزمنة فيما نسْبته 70% من أسباب الوفيات في العالم، واقتصاديا برصد الميزانيات الباهظة، وصرف الأموال الطائلة في مراكز ومعاهد البحث والتطوير والابتكار في مجالات أبحاث علوم الحياة والطب الحيوي لإيجاد علاجات لها، وكذلك صرف الأموال الطائلة في انشاء جامعات وكليات تدرّس مناهج الطب والتمريض الحديث لتخريج الأطقم الطبية المتنوعة (أطباء – تمريض – أخصائي مختبرات طبية- موارد بشرية اخرى) لمكافحة وعلاج الأمراض المتنوعة. كما تصرف الأموال الباهظة وترصد الميزانيات الضخمة أيضا في إدارة أنظمة الرعاية الصحية، وتوفير الأجهزة الطبية التشخيصية والعلاجية على السواء، وبناء الصوامع المتنوعة من العيادات والمستشفيات والمعامل والمختبرات والصيدليات، وتوفير الأدوية، ومراكز البحث والتطوير والابتكار، وغيرها من الأدوات المساعدة. وتنمويا من خلال تعطّل أيدي القوى العاملة واعاقتها وتضرر سوق العمل. كل هذا السياق التعليمي، والبحثي الابتكاري، والإداري، والإنشائي (مباني)، والطاقم البشري من المتخصصين والعلماء والباحثين، ومقدمي خدمات الرعاية الصحية، والموارد البشرية التي تدير هذه المؤسسات والمنظومات المتداخلة، جميعها مسخّرة من أجل غاية كبرى، ورسالة سامية محتواها مكافحة الأمراض التي تصيب الناس وعلاجها والقضاء عليها.

قبل الشروع في المقالة علينا أولا البدء بتعريف مصطلحي الجينوم، والإكسبوزوم. فالجينوم هو كامل المادة الوراثية (DNA) ، التي تحمل جميع الجينات (المورّثات) والتعليمات اللازمة لنمو الكائن الحي ووظائفه، فهو – أي الحمض النووي الريبوزومي منقوص الأكسجين - الخارطة الزرقاء (Blueprint)، للوظائف الحيوية والبنائية للكائن الحي. أما الإكسبوزوم فهو: مفهوم شامل يشير إلى إجمالي التعرّضات البيئية التي يواجهها الفرد طوال حياته، بدءًا من فترة الحمل إلى آخر عمره، ويشمل جميع العوامل الخارجية مثل التعرض للملوّثات، والتعايش مع الكائنات الحيّة (حيوان – نبات) المحيطة به، والنظام الغذائي المتّبع، وأسلوب الحياة والاختيارات اليومية (Lifesytlome)، وهذه الأخيرة تندرج تحت العوامل الداخلية – بمعنى منطلقة من اختيارات الفرد المنبثقة من دواخله ونواياه ومسؤوليته ومعارفه وتربيته وثقافته، والعلاقات الاجتماعية وتأثيراتها، والتعليم والثقافة وفلسفة الحياة والموت، والدين والدنيا والآخرة، والتضاريس المكانية والتحوّلات المُناخية، بالإضافة إلى العمليات الداخلية مثل التمثيل الغذائي، وتفاعلات الميكروبيوم. فالإكسبوزوم يمكن إجماله في كل ما يحيط بالإنسان من أشياء ظاهرة (منظورة) وباطنة (غير منظورة) على مدار الساعة منذ بدايات خلْقه، ونفْخ الرّوح فيه في الرّحم إلى مماته. فكما للجينوم تعقيداته وخباياه وغموضه وأسراره، فاللإكسبوزوم أيضا تعقيداته وتداخلاته وابهاماته.

بعد هذه المقدمة، دعونا ندلف لنفكك أو نسلط الضوء على الكلمات المفتاحية الأهم، وهي ثنائية الجينوم (الوعاء) والإكسبوزوم (المحتوى)، إذا جاز التعبير.

 لكن قبل الخوض فيهما، علينا أن نرجع تاريخيا للوراء إلى منتصف القرن التاسع عشر حيث ظهرت نظرية التطوّر أو نظرية النشوء والارتقاء لشارلز داروين، والتي صاغ فيها آلية الانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح كجوهر لنظريته التي لاقت - كأي نظرية أخرى – قبولا ورفضا في الأوساط العلمية إلى يومنا هذا. وفي السياق التاريخي نفسه تقريبا ظهرت قوانين منْدل للوراثة التي أسّست لعلم الوراثة وبروز مصطلح السّائد والمتنحي في المورّثات (الجينات)، ثم تلت هذه الإسهامات العلمية اكتشاف المورّثة/الجين (Gene) عام 1907م. ومن من خلال نظرية داروين في التطور، وقوانين مندل في الوراثة ظهرت النظرية الداروينية الحديثة New Darwinism)) وقودها ومحرّكها علم الجينات (Genetics). مع لفت الانتباه هنا إلى أن نظرية التطور مرت بمراحل بزوغ وأفول خلال السياق الزمني اللاحق لها، وفي المقابل قويت شوكة قوانين مندل للوراثة، وبدأت تتشكل بقوة لتجد لها موضع قدم في أبحاث الطب الحيوي الحديث خلال القرن الماضي، وتقدّم لما عُرف لاحقا بالهندسة الوراثية (جوهر التقنية الحيوية)، وخصوصا بعد الإعلان عن اكتشاف ماهية المادة الوراثية المتمثلة في الـ DNA، عام 1953م، من قبل العلماء جيمس واتسون- فرانسيس كريك- موريس ويلكينز، وينالوا لقب جائزة نوبل في الفسيولوجي عام 1962م. استمر بعدها نسق البحث العلمي في مجال علوم الوراثة بوتيرة متواضعة غير ذات جدوى إلى أن تمّ بروز حقل الهندسة الوراثية مع بدايات عقد السبعينات من القرن الماضي، ليتوّج عملها من خلال تقدم التقنية الحيوية (Biotechnology)، وبها تم إنتاج مادة الإنسولين لعلاج مرض السُّكّري. 

وفي المقابل، وفي سياق علمي وبحثي مختلف تماما عن سياقات الطب الحيوي وعلوم الوراثة السابق ذكرها، كانت وزارة الطاقة الأمريكية (DoE) بعد الحرب العالمية الثانية، تتساءل وتبحث عن مدى ارتباط الإشعاعات النووية التي تتعرض لها الكائنات الحية (إنسان – حيوان – نبات) بالطفرات الجينية التي تصيب مادة الحمض النووي (DNA)، حيث كانت وزارة الطاقة الأمريكية مسؤولة خلال النصف الثاني من القرن العشرين تقريبا عن أبحاث ودراسات معمّقة عن الأخطار المحتملة على صحة الإنسان نتيجة للتوسُّع في استخدام الطاقة والتقنيات المولّدة لها، وركزت أبحاثها بصورة خاصة على مدى تأثير الإشعاع الذّري على الكائنات الحيّة بما فيها الإنسان، وخصوصا بعد كارثة هيروشيما وناجازاكي، المدن اليابانية المعروفة. فقد كشفت الدراسات الأوّلية أن هناك تغيّرات طفيفة تحدث لمادة الحمض النووي (DNA)، الذي يعتبر – كما أشرنا أعلاه - الخارطة الزرقاء (Blueprint)، الذي يحمل الشفرة الوراثية المسؤولة عن الوظائف الحيوية والبنائية لجسم الإنسان.

 ومن هنا بدأت بوصلة البحث العلمي تتجه نحو الاستمرار في فك ألغاز هذا العدد الهائل من المورثات الجينية بغرض معرفة ما يترتب عليها من تغيرات تؤدي إلى الأمراض، وذلك بتتبع ومعرفة وظيفة كل جين، وما تسبّبه الطفرات الجّينية فيه من أمراض وعلل. ومن هذا المنطلق، نشأت فكرة مشروع الجينوم البشري (Human Genome Project, HGP) كأكبر مشروع حيوي على الإطلاق في منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي، لينطلق المشروع فعليا في أكتوبر 1990م، تحتَ إشراف مكتب الأبحاث البيولوجيّة والبيئيّة التّابع لمكتب العلوم في وزارة الطّاقة الأمريكيّة، بالاشتراك مع معاهد الصحة الوطنية الأمريكيّ (NIH)، والمعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري (NHGRI). ولمعرفة المزيد عن هذا المشروع الضخم يمكن للقارئ الرجوع إلى مقالات سابقة تحت العناوين التالية: (في الذكرى الثلاثين لانطلاق مشروع الجينوم البشري: ماذا قال عنه العلماء والباحثون؟، ومقال: من فضلكم أنقذوا الجينوم، ومقال: هل الطب الشخصي حقيقة أم خيال؟).

كما نلفت الانتباه هنا، إلى أن مشروع الجينوم البشري واجه معارضة شديدة أثناء طرحه كفكرة أولية من بعض العلماء الكبار بحجج متعددة أهمها: عدم جدوى المشروع وتطبيقاته، وأن تكاليف المشروع باهضه جدا (3 بليون دولار)، وأن التقنية الحيوية في تلك الفترة غير ناضجة ومكتملة للبدء في المشروع، كما كان هناك تخوف من احتمالية ان تؤثر الميزانيّة الضخمة المرصودة للمشروع في دعم مشاريع صغيرة أخرى قائمة في تلك الفترة لها صفتها العلمية والاعتبارية، كما أثيرت نقطة عدم جدوى تشريح مادة الحمض النووي (الجينوم) دون معرف وظائفه الفسيولوجية، على اعتبار ان (الوظيفة أهم من التشريح). كما أثيرت مخاوف أخلاقية تحيط بفكرة المشروع متعلقة بالخصوصية والتمييز. لكن – في رأي - تظل أهم النقاط التي أثيرت في معارضة فكرة أصل المشروع جاءت من العالم ريتشارد ليونتين (Richard Lewontin)، الذي أثار نقطة غاية في الأهمية، والتي يرى فيها أن دراسة تأثير البيئات المحيطة (exposomes) وتفاعلها اللحظي على مدار الساعة مع مادة الحمض النووي (الجينوم) أهم بمراحل من دراسة تشريح الجينوم نفسه ومعرفة وظائفه. 

في نهاية المطاف، وبعد جدل واسع في الأوساط العلمية على مختلف المستويات العلمية والتشريعية والأخلاقية والتنفيذية والمالية خلال منتصف الثمانينات من القرن الماضي، استقر أمر الأغلبية، وكان يقودهم العالم الأمريكي من أصل إيطالي تشارلز ديليزي (Charles DeLisi) على أننا يجب أن نخطو في هذا الاتجاه، وبناء عليه، تم تأسيس منظمة الجينوم البشري (Human Genome Organization, HUGO)، بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1988م. كان هدف هذه المنظمة الدولية هو حل شفرة كامل الجينوم البشري. وفعلا بدأ العمل رسميا بمشروع الجينوم البشري (HGP)، تحديدا في 20 اكتوبر عام 1990م، على ان يستغرق تنفيذه مدة زمنية قدرت بـ 15 عاما، لكن التطورات التي صاحبت التقنيات الحيوية الهائلة عجّلت بالانتهاء منه قبل موعدهِ المحدد لهُ بسنوات. فأعْلِنَ عن النّسْخة الأولى من الجينوم في عام 2000م، وعن النّسْخة شبه الكاملة (92%) في إبريل عام 2003م. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه ولأسباب وتحديات تقنية استغرقت الفترة الزمنية لإكمال النسبة القليلة المتبقية من المشروع حوالي 20 عاما أخرى، فقد أعلن وتحديدا في شهر إبريل من عام 2022م من الانتهاء من إكمال المتبقي (8%) من تسلسل الجينوم البشري من خلال تحالف Telomere to Telomere (T2T) consortium

إذا، بالإعلان عن البدء في المشروع والانتهاء منه (تشريحيّا لا وظيفيّا)، يمكن القول بأن "الجينوم" انتصر في التقدم على "الإكسبوزوم" في أبحاث الطب الحيوي، بمعنى أن الوسط العلمي حينها – وإلى وقتنا الحالي – خطف البحث العلمي في مجال علوم الحياة والطب الحيوي بتوجيه بوصلته نحو أبحاث تشريح ومعرفة وظائف الجينوم على حساب التوجّه نحو أبحاث معرفة تأثيرات البيئة وسلوكيات وأنماط حياة الناس وعلاقاتهم الاجتماعية "exposome" على مادة الجينوم. ومن هنا وجّهت البوصلة وبدأ انطلاق رحلة البحث عن "الأمراض" التي تصيب الكائنات الحية، ومعرفة أسبابها، وتشخيصها مبكرا، وعلاجها لتمْخر في ثنايا ودولايب الجينوم ومستوياته المختلفة من الجينوم إلى فوق-الجينوم، والترانسكربتوم، وفوق-الترانسكربتوم، والبروتيوم، وما بعد تعديل البروتيوم، والميتابولوم، والجلايسوم، والكنكتوم، والفاريوم، والفينوم وظهور ما يعرف بمصطلح الأوميكس (Omics)، ولا زال الحبل على الجرار. 

ومع تطور التقنيات الحيوية في التعامل مع كل هذه المسارات والمستويات المعقدة غير المتخّيلة على المستوى الخلوي الجزيئي النانومتري، تطورت معها علوم العينات وتنوع أنواعها وآليات التعامل معها للحفاظ على جودتها، وبروز مصطلح البيانات الضخمة، وتنامي أدوات تحليلها واستخلاص نتائجها من خلال علوم المعلوماتية الحيوية، والآن نلحظ دخول الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة العميق والنمْذجة في هذه المجالات للمساعدة في سبرْ كنْه التعقيد والغموض البيولوجي الذي يلف ويحيط الجينوم وتوابعه ودواليبه.

على كل، خلال مسيرة إنجاز المشروع خرجت من عباءته مشاريع وتحالفات ومبادرات وحقول علمية لم تكن معروفة من قبل، ليصرّح إيريك جرين (Eric Green) أحد رجالات المشروع، والمنخرطون فيه، والداعمون له بقوة قوله: "نحن ضحايا نجاحاتنا". والآن ونحن على أعتاب العقد الرابع من المشروع، لا زالت كثير من أسراره وألغازه الوظيفية غامضة لم تحل بعد إلى يومنا هذا. كما تجدر الإشارة هنا، ونحب ان نؤكد كما ذكر أعلاه، إلى أن المشروع بكل دواليبه وما خرج من مظلّته من مبادرات وتحالفات وسياسات ومشاريع بحثية ضخمة ودعم مالي عالمي باهظ سُخّرت جميعها – دون استثناء - نحو "الأمراض" السّارية والمزْمنة للبحث عن طرق توقعها وتشخيصها وعلاجها، وبروز ما أجمعت عليه الأوساط العلمية بمصطلح الطب الشخصي (precision medicine). وفي المقابل لم تجد أبحاث العافية (wellness research) – للأسف - موضع قدم لها في المشروع، ولم يعر لها الوسط والمجتمع العلمي اهتماما يذكر. ولعل من أكبر المشاريع التي خرجت من عباءة المشروع هو تحالف أطلس السرطان (The Cancer Genome Atlas) TCGA الذي بدأ العمل به عام 2005م، وما يزال مستمرا، غايته معرفة أسباب الإصابة بأورام السرطان المختلفة (الصلبة والسائلة)، والأمل في توقعها، وتشخيصها مبكرا، وفي إيجاد حلول لها، والقضاء عليها. 

الآن، ونحن على أعتاب مرحلة التحوّل الرّقمي التاريخية المهمة، والتي تتمظهر في دخول الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة العميق، وتعزيز دورهما في إدارة البيانات الضخمة ذات الجودة والوثوقية العالية، وتحليها وتصنيفها لاستخلاص المعلومات المبْصرة للمساعدة في اتخاذ القرارات الصائبة. فثورة الذكاء الاصطناعي – إذا جاز التعبير – بدأت تغزوا اغلب المجالات والقطاعات البحثية والخدمية، مثل قطاع التعليم، والصحة، والمواصلات، والتخطيط العمراني، والتطوير العقاري، والسياحي، والزراعي، والبيئي، والاقتصادي، والمصرفي، والإداري، الخ.

ونحن نتوقع – بل نجزم - أن ثورة الذكاء الاصطناعي ومبادرات التحول الرقمي في قطاع البحث والتطوير والابتكار في مجال أبحاث علوم الحياة والطب الحيوي وقطاع الصحة سوف تُخْطف كما خُطف مشروع الجينوم البشري في اتجاه مكافحة الأمراض وتشخيصها وعلاجها وإدارتها، ولن تسخّر نماذج الذكاء الاصطناعي في تعزيز العافية والمحافظة عليها. وهذا موضوع وسياق هام لعلّنا نتطرق إليه في مقال آخر.

والآن يأتي طرح السّؤال الجوهري: أيْن يكْمن الحل لعلاج الأمراض المزمنة؟ وهذا سؤال المليون دولار بدون منازع. وهو سؤال لازال مطروحا على طاولة صناع القرار، وراسمي السياسات الكونية في دواليب المؤسسات الحكومية والدولية والعالمية في قطاع الصحة منذ منتصف خمسينات القرن الماضي وإلى هذه اللحظة الراهنة.

في تصوري الحل لعلاج الأمراض المزمنة والتخفيف من وطأتها على الأمم والمجتمعات، والتقليل من توابعها الصحية والاقتصادية والتنموية – بعد الاستعانة بالله وتوفيقه – يكمن في إعادة توجيه بوصلة البحث العلمي والتطوير والابتكار في مجال علوم الحياة والطب الحيوي، والمجالات والحقول العلمية الأخرى نحو سبر أغوار الشق الثاني من الثنائية "الإكسبوزوم"، المؤثر المباشر والرئيسي على الجينوم. ففضاء الإكسبوزومات فضاء واسع ومتشعّب ومتداخل بين ما هو جبْري/مسيّر – لا يمكن التحكم فيه -، وما هو اختياري/مخيّر – يمكن التحكم فيه. أما الجينوم فهو داخل تحت الفضاء الجبري بالضرورة. وقد تم اللّعب في فضاء الإكسبوزوم وتشويهه منذ انطلاق الثورة الصناعية منذ قرن ونصف من الزمان تقريبا، ودخول "الآلة" – "Machine" ذات الطابع الحديدي الغريب عن الفضاء الأرضي (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) [الحديد: آية 25] لتجاور وتعايش - أي الآلة - الكائنات الحية ذات الماهيّة الترابيّة الطينيّة جوهر بنائها مادة الـ DNA، (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا [نوح: آية 17]. هذا الهجين - بين الحديدي الخشن، والترابي الطيني الناعم - لعب دورا مهما في العمل على تشويه وتطفير (من الطفرة) المادة الترابية – الجينوم - والتأثير في تركيبها ونظامها، وبالتالي انحرافها واختلالها المتمظْهر في صورة الأمراض المزمنة المعقدة. 

ونحب ان ننوه هنا إلى نقطة غاية في الأهمية وهي انه كما لكل انسان جينومه الخاص به، فهو أيضا له إكسبوزومه الخاص به. كما يمكن ان نذهب بعيدا ونتحدث عن تشوّه محتوى الإكسبوزوم من زوايا أخرى يمكن التطرّق لها في مقالات أخرى في المستقبل، نذكرها هنا للتوعية بها لا لحصرها، مثل أخطار صناعة الغذاء المعدّل وراثيا، وزراعة اللّحوم، ولا ننسى توفر الخضراوات والفواكه على طول العام دون مراعاة قيمتها الغذائية الموسمية. تصدير واستيراد الفواكه بين القارات ودخولها مناطق وقرى ومدن غير مناسبة ولا ملائمة لها مناخيا، وفقدها للقيمة الغذائية لها. كما لا ننسى التلوث البيئي السمعي والبصري، والاحتباس الحراري، وانبعاث الغازات الدفينة (Greenhouse gases)، والتصحّر، والتلوث الضوئي، وانتشار الحياة الليلية على حساب الحياة النهارية (سكن الليل، ومعاش النهار). والسياقات الاجتماعية والعلاقات السامة غير الصحية بين الناس، والسلوك الفردي والجماعي غير المرشّد، واختيارات خاطئة في التعليم والتعلم والتربية غير الحكيمة، ورق الأخلاق والتعصب الديني المذهبي، والصراعات والحروب بين الشعوب والأمم، وانتشار النموذج الاقتصادي الرأسمالي المادي الجارح، والضخ الإعلامي الزاخر بالأكاذيب (fake news) الحامل لخطاب الكراهية بين الشعوب، والعنصرية. كل هذه المكونات والتفاصيل المؤسسة والبانية للإكسبوزومات المنحرفة ذات الخطر الداهم والرئيس على الجينومات لم تأخذ حظا وافرا من البحث والتطوير والابتكار، ولم تربط أصلا في سياق البحث عن الأسباب المفضية للإصابة بالأمراض المزمنة (الجسدية، والنفسية، والعقلية).  

قبل ختام المقالة، لابد لنا من أخذ القارئ إلى فضاء آخر يسلط الضوء على ظاهرة التفاعلات الديناميكية الإيجابية أو السلبية بين الإكسبوزوم والجينوم، ومآلات هذا التفاعل اللحظي اللصيق بينهما. في حقيقة الأمر، نحن نذهب إلى غلبة وأهمية دور الإكسبوزوم كمحيط وفضاء بيئي واسع ذي محتوى زاخر تنشأ وتنمو وتتفاعل داخله مادة الجينوم. أي بمعنى تواجد الجينوم داخل فضاء الإكسبوزوم المتنوع – بشقيه المسيّر والمخيّر – وتناغمه مع تفاعلات فضاء الإكسبوزوم وتأثيراتها على الجينوم هي المسؤولة عن تشكله ونموه واحتمالية الحفاظ على عافيته أو اصابته، وبالتالي نشوء الأمراض والخطوب والمنايا له. ولدعم ما ذهبنا إليه لابد لنا من شواهد وحقائق لدعم هذا الطرح. ولا يوجد لدينا شواهد وحقائق تضاهي سور وآيات القرآن الكريم. لذا علينا التوجه والوقوف أمام القرآن، والتدبّر بعمق في آياته الزاخرة بالمعاني والعبر التي تطرّقت بصور متنوعة غاية في الأهمية حول التفاعل والتناغم والـتأثر سلبا أو إيجابا بينهما. ذكرت معاني للمادة الوراثية الطينية، والتي تسمّى علميا بمادة الجينوم في سياق الخلق، فذكر القرآن النطفة والعلقة والمضغة، وترتيب ونسق عملية الخلق "(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) [نوح: آية 14] "، كما تطرّق أيضا إلى معاني النشور والبعث والحشر. وفي المقابل زخرت سور القرآن بذكر موضوع الإكسبوزوم وبطرق وصور غاية في الروعة والابداع أيضا. فالإكسبوزوم في حق الله – إذا جاز التعبير - عُبّر عنه في القرآن الكريم "بالتجلّي"، فالتجلّي في القرآن الكريم يشير إلى ظهور قدر الله وعظمته بشكل واضح ومباشر، سواء كان في الطبيعة أو الاحداث أو في الوحي، والأمثلة كثيرة لكن نكتفي بذكر قوله تعالى: "(فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) [الأعراف: آية 143]". أما تجلّي الملائكة يكون بأمر الله لتنفيذ أوامره، والملائكة تتجلّي بأشكال تناسب الموقف سواء في صورة بشرية أو أخرى. وإذا ذهبنا إلى دور الإكسبوزوم في المطلق كما عرّفناه سابقا، ودوره وتأثيره المباشر والواضح والجليْ على الجينوم لا نجد أفضل ولا أعمق ولا أدق من مشاهد يوم القيامة المفزعة والمرعبة في اثبات هذا التأثير الصارخ من الإكسبوزوم في اتجاه الجينوم. في هذا اليوم المفزع والمخيف يقول الله تعالى فيه " (يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا) [المزمل: آية 17]"، ويقول فيه أيضا "(يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج: آية 2] ". هذه إشارات واضحة بتغيّر حال الناس فيه في سياقات غير مسبوقة. فهذه السياقات تعطي إشارة واضحة بأن المواليد يوم القيامة يشيبون عند ولادتهم وهم صغار حين لا تزال جينوماتهم غضّة طريّة (المولود العجوز). وعلى الرغم من أن مشاهد يوم القيامة لا يمكن استحضارها ومحاكاتها في السياق الدنيوي، لكن يمكننا أن نستخلص منها العبر والدروس بأنّ الجينومات التي تتعرض في حياتها الدنيوية إلى حياة النكد والغم والهم والفزع تتأثر سلبا ويشيب أصحابها أسرع من الجينومات التي عاش اصحابها حياة أكثر طمأنينة، ورفاه، وأمن، وأمان. والأمثلة أكثر من أن تحصى وتعد بالتمعّن في آيات الذكر الحكيم والأحاديث النبويّة الصّحيحة المطهّرة. وهذا موضوع مهم – على حسب علمنا لم يبحث فيه من قبل - يمكن أن يفرد فيه كتاب.

نخلص ونقول، بأنه كما تمّ تشريح كامل مادة الجينوم من خلال مشروع الجينوم البشري، ندعو إلى التعرّف والوقوف على دور الإكسبوزوم أيضا في سياق الأمراض المزمنة. فموضوع الإكسبوزوم لم يلق حظه من البحث والتطوير والابتكار في دواليب ودهاليز مراكز ومعاهد أبحاث علوم الحياة والطب والحيوي، وسبر غوره والوقوف على تأثيره المباشر في انتشار الأمراض المزمنة التي أرهقت كاهل الأمم والمجتمعات، بينما في المقابل لايزال كبار العلماء والباحثين في هذا المجال يعوّلون على دور الجينوم في إيجاد الحلول للقضاء على الأمراض المزمنة وعلاجها، وكما أسلفنا بأننا متخوّفون – بل ونجزم - من اختطاف القدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة العميق والخوارزميات والنماذج الذكية وتسخيرها نحو تشخيص الأمراض المزمنة وعلاجها وادارتها، ولن تسخّر هذه الأدوات الحديثة في سبر غور الإكسبوزومات وفهم انماطها الداخلية المؤثرة في تعزيز العافية والمحافظة عليها. واختم بقوله تعالى "(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [فصلت: آية 53] "، "فالآفاق" تشير إلى الإكسبوزوم، و"أنفسهم" تشير إلى الجينوم، وبين ثنايا هذه الثنائية تكمن ثنائية العافية والمرض.

Comments (13)
    • مقال دسم يحتاج الي قرأته لعدة مرات والذي اريد ان اعرفه من كاتب المقال هل دكتورنا العزيز بوحميدة كتبه ام المقال مقتبس

      • 1
      • سأجلس عليه لاحقًا لقراءته على مهل. على فكرة يابسوطة @عبدالباسط بوحميدة فيه صفة جديدة في المنصة وهي كتابة خلاصة للمقال لمن يعزف عن قراءته كاملاً…الجماعة اللي يدهشوا بسرعة ويبوا تيك تاك بس 😀

        ياخلود بوحميدة لايقتبس؛ كله أوريجينال !

        • والله يا افتوحه،، ما هلكنا الا الفاست فود،، والفاست ريدنق، والفاست تاك،، والتيك تاك ههههههههههههه

        • ان بديت ودهشت فاخذت راحة ولكن لم أعود …

          موضوع شيق ومهم ان نفهمه ولكن اتمنى ان يكون هناك نسخة مختصرة!

          مشكور د عبدالباسط

          • 😆 1
          • لو قالولك عندك فيه امتحان ياميلاد راك حافظه حفظ. 😀

            • 😆 2
            • راحن ايام الجعب والحفظ

            • مقال ممتازعلميا معي اعتراضي علي ربط الدين الاسلامي والقران بالابحات العلمية وهذا في اعتقادي اجحاف في اصول ديننا الحنيف

              القران ليس كتاب فيزياء فلكية ولا علوم طبية القران كتاب هداية وتعريف لهوية الانسان وكذلك كتاب علمي للسلوك البشري والاخلاق والمعاملات

              والله اعلم

              • ياخلود، القرآن منهاج حياة كامل، ولابأس إطلاقًا من الاستدلال به، وذلك لايؤثر في القرآن زيادة أو نقصا، والله أعلم.

              • يعطيك الصحة يابسوطة... برغم طوله، إلا أنه مقال شيق ومنطقي انسيابي، يعرض فكرة جديدة تستحق التوقف عندها وتقليبها. ورأيي الشخصي في الموضوع أن الأمران "الجينوم" و"الأكسبوزوم" ليسا كل أطراف المعادلة، أي أنه ليس بالضرورة "ثنائية" فقد يأتي يوم تكتشف فيه محركات أخرى لديناميكية ثنائية العافية والمرض، وعندها قد ترسم صورة جديدة لدور كل هذه الأطراف.

                أما بالنسبة لما تفضلت به، من تاثير الاكسوبوزوم على الجينوم فقد ورد نظيرها في الشعر الشعبي الليبي كذلك، حيث قال الشاعر:

                ضيقة الخاطر والحياة المرمادة .....تشيب صغير السن قبل انداده

                صحيت يابسوطة وربنا يعيطك الصحة على هذا الإثراء.

                وهنا باقي القصيدة (ولا أعرف قائلها) كما وجدتها على الانترنت:

                ضيقة الخاطر والحياة المرماده ** تشيب صغير السن قبل انداده

                والحياة المندمه *** تشغشب على ابنادم تنزح دمه

                القل يغبي زول كان مسمى *** والمال يشهر ناس ماهم ساده

                بلا مال ما تقدر شروط الهمه *** وتجواد ما تظهر عليك جوداه

                والحياة المدمومه *** تشغشب على ابنادم أطير نومه

                بلا مال بو جلجل يولى بومه *** وبالمال بو حوام فات العادة

                ناش الحبارى قبل طير الحومه *والصقر حاير فى المعاش اوكاده

                والحياة المعفونه *** تشغشب على ابنادم وتقلب لونه

                كثير الدراهم والعمش فى عيونه **يشحوه لا كّانه غزال حماده

                وانا مريض وضحكتى مشنونه ** مريض قلب ما نيشى مريض وساده

                والحياة المعطوبه ** تشغشب على ابنادم وتقطع صوبه

                بلا مال تبدا حالته منكوبه ** وبالمال يبدا عزم فات انداده

                بلا مال تبدا عيطه منبوبه ** وفيه السوايا كايده العداده

                والحياة المرعوشه ** تخلى صغير السن راسه لوشه

                والفقر لو ردن عليك جيوشه ** كريم ربنا يرزق معاش عباد

                ان كان الغنىّ من العبد يغلق حوشه **اما باب ربى ما عليه مكاده

                • 1
                • صحيت يا افتوحه في اختيار ابيات الشعر الشعبي الليبي لخدمة محتوى المقال. لو تلاحظ ان كل كلمات الشاعر تصب في تأثير الاكسبوزم على الشخص عندما يكون اكسبوزومه سلبي غير عافيوي،، فيشيب صغير السن قبل انداده. اي والله،، صح لسانه،، وشكرا لك دكتورنا،، فقد احسنت الإختيار.

                  • 💓 1
                  • مانعرفش من هو الشاعر ولكن كلامه قوي، مثل هذا البيت:

                    القل يغبي زول كان مسمى *** والمال يشهر ناس ماهم ساده

                    تسلم بسوطة...

                    • 1
                    • للأسف تمثل هذا البيت في ناس واجدة اليوم، وخصوصا في المشهد الليبي، هذا اكسبوزوم (سحر) المال يا افتوحه هههه

                      • 😆 1
                    • شكرا لكم ع التعليق ع المقال إيجابا أو سلبا، وهذا حق مكفول للجميع. فهي تظل آراء متباينة بين الاتفاق والاختلاف، وهذه ظاهرة عافيوية بامتياز. أول نقطة حابب أعلق عليها هو طول المقالة، وانزعاج البعض من هذه المسألة. للأمانة، الموضوع كبير، وهو يسلط الضوء على قضية مركزية في عالمنا اليوم، وهي "ازدياد معدل الإصابة بالأمراض المزمنة" وتوابعها الصحية والاقتصادية والتنموية على الصعيد العالمي دون استثناء، وحيرة العلماء والباحثين في مجال أبحاث علوم الطب الحيوي في ايجاد حلول جذرية لهذه المشكلة. وجاء هذا المقال ليسلط الضوء (بنظرة مبسّطة) على هذه "الأزمة"، ويطرحها من عين باحث منغمس على مدار الساعة مع آلاف آخرين من الباحثين والعلماء في العالم لإيجاد حل للأزمة ربما يقدم للناس يوما ما. فطول المقالة، فرضته المشكلة المطروحة، لا الرغبة في الإطالة. كما لعلّي أشرت في ثنايا المقال بأن هناك مواضيع متصلة بالموضوع يمكن أن يفرد لها مقالات، بل وحتى كتب للتوضيح. كما لا أخفيكم أن هناك قضايا ومواضيع متصلة بالموضوع أسقطتها عمدا من المقالة خوفا من أن تتحول إلى كتيب وليس مقال. منها على سبيل المثال ديناميكية التواصل والتفاعل بين الجينوم والإكسبوزوم في الإطار الزمكاني (زمان – مكان) على طول الخط منذ نفخ الروح إلى الممات، ودور الحواس الخمسة (البصر، السمع، الشم، التذوق، اللمس)، والمشاعر القلبية غير المحسوسة كالحسد والبغض والحب والكره وغيرها، وأثرها البيّن والواضح في هذا الاتصال اللحظي. وقد عبر القرآن عنها بقوله "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا – الآية)، وأن الإشارات أو المدخلات من الإكسبوزوم في اتجاه الجينوم وبالعكس تتم من خلالها. وخشية الإطالة في الرد أكتفي بهذا الرد، ولنا عودة إن لزم. لكن قبل ما أختم الرد، أعرج سريعا على ملاحظة الدكتور خالد بعدم ربط الدين الإسلامي والقرآن بالأبحاث العلمية لأنه ليس كتاب فيزياء فلكية أو علوم طبية، ومن وجهة نظره هو كتاب علمي للسلوك البشري والأخلاق والمعاملات، وهو محق – إلى حد ما - فيما ذهب إليه، لكن لي اعتراض بسيط في اعتقاده ان هذا اجحاف في أصول ديننا الحنيف. فمع احترامي الشديد لرأي الدكتور خالد، وللرد على هذه النقطة احتاج ممكن كتابة مقال آخر. لعله يكون في المستقبل. وأنتقل سريعا إلى ملاحظة الدكتور فتحي وقوله إن ثنائية الجينوم والإكسبوزوم ليست بالضرورة تمثل كل أطراف المعادلة. ويرى أنه ربما يأتي يوم تكتشف فيه محركات أخرى لديناميكية العافية والمرض. أقول للدكتور فتحي، بالتمعن في هذه الثنائية فتجدها شاملة وملبية للزمن الراهن والمستقبل، فالحلول إما في الإكسبوزوم أو الجينوم، وأنا شخصيا أقول – بدون تردد – أن الحل في الإكسبوزوم، وهذا يمكن أيضا أن يكون عنوان مقال آخر مفصلا. سامحوني، فالرد أيضا اتسم بالإطالة، وعذري أن أجملت الإجابة لتشمل اغلب التعليقات،، وبخصوص الدكتور ميلاد لم أسمع رأيه العلمي بعد. وأخيرا، أتمنى أن تتمعنوا في الصورة المرفقة مع المقال، فهي تسلط الضوء على هذه الثنائية من منظور مادي صرف، غاب عنها الكثير من الجوانب المهمة ذات الوزن في ديناميكية الثنائية،،، تحياتي.

                      • 💓 2
                      Login or Join to comment.