النَصب!!!
من سعف النخل ننسج شبكة “المِندَف” (فخ الصيد)، ومن عرجون النخلة نصنع إطاره، وبحبلٍ من ليف النخل نربط طرفي العرجون لنُحكم إغلاق الشبكة. في منتصف الحبل توجد عصاة، وهي ميزان المندف. عندما نلفّها بين طيّات الحبل يصبح المندف كقنبلة موقوتة. يوجد نوعان من "المنادف" ، "مندق ابوطبقتين ومندف ابو طبقة"، وهو محور حديثي.
أما الطُعم، فهو الدود أو ما يُعرف بـ “الكَلَح”، ويُجمَع غالبًا من حضائر الغنم القديمة، خصوصًا تلك التي ما زال فيها أثر حياة. يُخزن الدود في علبة بها قليل من الرمل ليظل حيًا. تُربَط الدودة من مؤخرة رأسها بخيط رفيع، لا يشدّها بقسوة حتى لا تموت، وتبقى تتلوّى بحركتها الحلزونية، تلك التي لا تقاومها الطيور.
ينصب المندف في أطراف الحقول، حيث تألف الطيور المكان. وبعد عدة تجارب لضبط حساسية الميزان، توضع الدودة ويُعتمد النصب. بعدها، يتحرك الصياد ومن معه إلى أطراف أخرى من الحقل، يقرعون علبتين فارغتين لإصدار أصوات مزعجة، تهزّ سكون العشاش وتُرغِم الطير على الطيران. ومع هذا الهلع، تزيد فرصة أن يقع أحدها في الفخ.
الكثير من أبناء الأرياف يعرفون هذا المشهد. ما أردت قوله هنا، هو أن أدوات المندف كلها من إنتاج المزرعة، ومن الطبيعة. رغم بساطتها، تُمكِّن الصياد من أكل لحم الطير.
التكتيك الذي يستخدمه الصياد؛ من اختيار الطُعم، إلى إقلاق الطير، إلى ضبط توقيت النَصب؛ هو ذات المنهج الذي نراه اليوم في سياسات الدول.
الطيور لن تظل آمنة، طالما هناك من يرغب في أكل لحمها.
والطير الذي يستبسط الحياة، ويطمئن كثيرًا، هو أول من يقع في الفخ.
والخبرة وحدها، هي ما يجعل الصياد يعرف متى، وأين، وكيف، ينصب مندافه.
قد يراها البعض مجرد حكايات من زمن مضى، لكنها كانت جزءًا من مدرسة الحياة، التي تعلمنا منها مبكرًا.
انتهى
-
وأضيف أن أهل المدن أيضا يستخدمون نفس التقنيه لصيد العصافير .. طبعا الحمرايه أكبر و أحسن و فيها ما تقسم
-
- · فتحي إدريس
- ·