قصة قصيرة: سعاد وسعود

قصة حب وُلدت في الطفولة… ولم تَمُت في النسيان. كانت سعاد، رغم طفولتها، تحمل ملامح الجمال العربي الأصيل: شعر غزير، شامة على خدها الأيمن، وخجل يزيدها فتنة. تلميذة في المرحلة الابتدائية؛ تعرف سعود، الذي يكبرها بعام أو عامين، كان يراها في فناء المدرسة، فيسبق قلبه خطواته كلما مرّت أمامه. لم يكن بينهما سوى براءة الطفولة، لكنها كانت تخفي تحتها حبًا صامتًا نقيًا، نما بصمت وكبر كما كبر صاحبيه.

مرت السنوات وافترقت الدروب. كبرت سعاد، وغاب سعود. العادات والتقاليد فرّقتا ما جمعته البراءة. لكنها كانت تسمع عنه، كما كان هو يهمس باسمها كلما سنحت له الفرصة.

أنهى سعود دراسته الثانوية والتحق بالجامعة، بينما كانت سعاد تتهيأ لعامها الأخير في المرحلة الثانوية. تقدم لها الكثيرون، دقوا باب البيت، لكن لم يطرق أحد باب قلبها.

وافق والدها على أحد المتقدمين، وزُفّت سعاد لغير سعود. في حين أن سعود، الذي كان ينتظر اللحظة التي يطرق فيها بابها، تلقى خبر زواجها كمن صفعه القدر، فطرحه بلا حراك. انهار، ومرض، وكاد قلبه أن يتوقف، لكنه نجا. عاش، لكن بجسد بلا قلب، فقد أخذته سعاد معها.

وبعد حين، أنجبت سعاد ريم وياسمين، ثم ولدًا أسمته سعود. كان اسم على الذكرى التي لم تختفي من بين ضلوعها.

في أحد المستشفيات، لمح سعود سيدة مرت أمامه. لم يظهر منها شيء، ولكن شيئًا ما بداخله تحرك نحوها، وكأنه يعرفها.

اقترب منها، وسألها:

“أعرف فتاة اسمها سعاد، كانت جميلة، لها شامة على خدها الأيمن… تذكرتك حين رأيتك.”

نظرت إليه، ثم قالت بهدوء:

“لم أتصور أن أراك يومًا… ولم أنسك.”

تبادلا الحديث، فالتقت الذكريات القديمة بالجراح التي لم تلتئم. فرحة اللقاء امتزجت بمرارة الفقد. قالت له:

“لا يليق بي أن أقف مع رجل لست له… قلبي يأبى أن يرحل، لكن ضميري يأمرني.”

وغادرت، قبل أن يأتي زوجها، وتركته واقفًا في صمت، يراقب ظلّها يتلاشى كما يتلاشى الأمل عند حافة المستحيل.

قصة حب لم تُختم، لأنها لم تبدأ كما ينبغي… ولم تنته كما تستحق.

انتهى

التعليقات (2)
    • اختلف الجميع في تعريف الحب وأقرب معني للحب هو العطاء بدون انتظار مقابل مثلا كحب الأبناء وكذلك عرف الحب في استحاله العيش بدون هذا الشخص او ذاك

      ما يحصل وماحصل بين سعاد وسعود إلا تفاعلات هرمونيه وعشق للماضي السحيق الذي لا عودة له

      تعليقي علي القصه انها سرديه لذاكرة انسان محركها دوافع اخري غير الحب أصلا

      • 💓 1
      • وجهة نظر واقعية، اسعدني مروركم النبيل

        • 1